كريم ، وهو الجنّة.
قوله : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى) : يعني البعث (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) : وهو قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) (٥) [الانفطار : ٥]. (ما قَدَّمُوا) أي : ما عملوا من خير أو شرّ. (وَآثارَهُمْ) أي : ما أخّروا من سنّة حسنة فعمل بها من بعدهم ، فإنّ لهم أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ، أو سنّة سيّئة يعمل بها من بعدهم ، فإنّ عليهم مثل وزر من عمل بها ، ولا ينقص من أوزارهم شيء.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أيّما داع دعا إلى هدى فاتّبع عليه فإنّ له مثل أجر من اتّبعه ولا ينقص لهم من أجورهم شيء ، وأيّما داع دعا إلى ضلالة فاتّبع عليها كان عليه مثل وزر من اتّبعه ولا ينقص من أوزارهم شيء (١).
ذكروا عن عمر بن عبد العزيز أنّه قال : (وَآثارَهُمْ) أي : خطوهم (٢).
وقال بعضهم : أي : ذكرهم. وقال بعض العلماء : لو أنّ الله مغفل شيئا ، أي : تارك شيئا ، من شأنك يا ابن آدم لأغفل هذه الآثار التي تعفوها الرياح.
قال : (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (١٢) : أي في كتاب بيّن ، وهو اللوح المحفوظ.
قوله : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) : وهي أنطاكية (إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) : تفسير مجاهد فشدّدنا بثالث (٣). قال : إنّه
__________________
(١) انظر ما مضى في هذا الجزء ، تفسير الآية ١٣ من سورة العنكبوت.
(٢) روى الواحديّ في أسباب النزول ، ص ٣٨٤ ما يلي : «قال أبو سعيد الخدريّ : كان بنو سلمة في ناحية من المدينة ، فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد ، فنزلت هذه الآية : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) فقال لهم النبيّ صلىاللهعليهوسلم : إنّ آثاركم تكتب ، فلم تنتقلون». وعن ابن عبّاس وسعيد بن جبير أنّها الخطى إلى المساجد خاصّة ، وقد صحّت في هذا المعنى أحاديث عن النبيّ عليهالسلام. انظر تفسير القرطبيّ ، ج ٥ ص ١٢.
(٣) قال أبو عبيدة في المجاز ، ج ٢ ص ١٥٨ : (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) أي : قوّينا وشدّدنا. قال النمر بن تولب :
كأنّ جمرة أو عزّت لها شبها |
|
بالجذع يوم تلاقينا بإرمام |