وتفسير مجاهد غير هذا ؛ قال مجاهد : كان رجلا من قوم يونس وكان به جذام ، فكان يطيف بآلهتهم يدعوها فلم تغن عنه شيئا. فبينما هو يوما كذلك إذ مرّ بجماعة فدنا منهم ، فإذا نبيّ الله يدعوهم إلى الهدى ؛ وقد قتلوا قبله اثنين فدنا منه. فلمّا سمع كلام النبيّ قال له : يا عبد الله ، إنّ معي ذهبا فهل لك أن تأخذه منّي وأتّبعك فتدعو الله أن يشفيني. قال له : اتّبعني ولا حاجة لي في ذهبك ، وأنا أدعو الله لك فيشفيك. قال : فدعا الله ، فبرأ. فقال : (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ ، أَجْراً) لما كان عرض عليه من الذهب فلم يقبله منه ، (وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) ، أي : خلقني (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي : بعد الموت (أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) أي : لما كان يدعو آلهتهم لما به من الجذام فلم تغن عنه شيئا (وَلا يُنْقِذُونِ) أي : من ضرّ. يعني الجذام الذي كان به. (إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) أي : فاسمعوا قولي ، أي : فاقبلوه. ودعاهم إلى الإيمان. وليس هذا الحرف من تفسير مجاهد. فأخذه قومه فقتلوه.
(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) : أي وجبت لك الجنّة. (قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (٢٧) : فنصحهم حيّا وميّتا.
قال الله : (وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ) : أي من رسالة في تفسير مجاهد. (وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ) (٢٨). والجند في تفسير الحسن : الملائكة الذين يجيئون بالوحي إلى الأنبياء ، فانقطع عنهم الوحي ، واستوجبوا العذاب فجاءهم العذاب. قال الله : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) : والصيحة عند الحسن : العذاب (فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) (٢٩) : أي قد هلكوا.
قوله : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) : في أنفسهم (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٣٠) : أي فيا لك حسرة عليهم ؛ مثل قوله : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) [الزمر : ٥٦] أي : في أمر الله. إذا كان القول من العباد قال العبد : يا حسرتا ، وقال القوم : يا حسرتنا. وإنّما أخبر الله أنّ تكذيبهم للرسل حسرة عليهم (١).
__________________
ـ للرسل الثلاثة».
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٧٥ : «وقوله : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) المعنى : يا لها حسرة على العباد. وقرأ ـ