أدنى منازلها ، في تفسير الحسن ، إلى يوم القيامة ، ثمّ تكوّر فيذهب ضوؤها. ذكروا عن عكرمة عن ابن عبّاس أنّه كان يقرؤها : (والشّمس تجري لا مستقرّ لها) ، وهو كقوله : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) [إبراهيم : ٣٣] قال : (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٣٨).
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) : أي يزيد وينقص ، وفي تفسير الكلبيّ : يجري في منازله (١). قال الحسن : لا يطلع ولا يغيب إلّا في زيادة ونقصان. (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (٣٩) : أي كعذق النخلة اليابس ، يعني إذا كان هلالا (٢).
قوله : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) : أي لا يجتمع ضوؤهما ، في قول مجاهد ، يقول : ضوء الشمس بالنهار ، وضوء القمر بالليل لا ينبغي لهما أن يجتمع ضوؤهما.
وفي تفسير الكلبيّ : لا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل فتكون مع القمر في سلطانه. وقال الحسن : لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ليلة الهلال خاصّة ؛ لا يجتمعان في السماء ، وقد يريان جميعا ويجتمعان في غير ليلة الهلال ؛ وهو كقوله : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) (٢) [الشمس : ٢] أي : إذا تبعها ليلة الهلال.
ذكروا عن بعض أهل التفسير قال : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) أي : يتلوها صبيحة الهلال. وبعضهم يقول : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) أي : صبيحة ليلة البدر ، أي : يبادر فيغيب قبل طلوعها.
قال : (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) : أي يأتي عليه النهار فيذهبه. كقوله : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهار
__________________
(١) جاءت العبارة ناقصة في ع ، ومضطربة مطموسة في سح ، وهي أوضح في ز ورقة ٢٨٤ : «أي : يجري على منازله ، لا يزيد ولا ينقص».
(٢) كذا في المخطوطات كلّها ، وهو الصحيح ، فإنّ لفظ الهلال يطلق أحيانا أيضا على القمر إذا كان في أواخر منازله ليلة سبع وثمان وعشرين ، قبل أن يستتر ، وهو المراد باللفظ هنا ، يدلّ على ذلك لفظ : (عادَ). وحقيقة العرجون ما ذكره اللغويّون : (عود الكباسة) أي : العود من الموضع النابت في النخلة إلى موضع الشماريخ». قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن ، ص ٣١٧ : «والعرجون ، إذا يبس دقّ واستقوس حتّى صار كالقوس انحناء ، فشبّه القمر به ليلة ثمانية وعشرين». وانظر تفسير الطبريّ ، ج ٢٣ ص ٦. أمّا أبو عبيدة فشرح العرجون بقوله : «هو الإهان ، إهان العذق الذي في أعلاه العثاكيل ، وهي الشماريخ». والمعنى واحد.