يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) [الأعراف : ٥٤] (١).
ذكروا أنّ أناسا من اليهود قالوا لعمر بن الخطّاب : تقولون : جنّة عرضها السماوات والأرض ، فأين تكون النار؟ فقال : أرأيت إذا جاء النهار أين يكون الليل ، وإذا جاء الليل أين يكون النهار؟ يفعل الله ما يشاء.
قوله تعالى : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٤٠) : أي الشمس والقمر ، بالليل والنهار يسبحون ، أي : يدورون ، في تفسير مجاهد ، كما يدور فلك المغزل.
وقال الحسن : الفلك طاحونة مستديرة كفلكة المغزل بين السماء والأرض ، تجري فيها الشمس والقمر والنجوم ، وليست بملتصقة بالسماء ، ولو كانت ملتصقة ما جرت.
وقال الكلبيّ : (يَسْبَحُونَ) أي : يجرون. وذكر بعضهم فقال : إنّ السماء خلقت مثل القبّة ، وإنّ الشمس والقمر والنجوم ليس منها شيء ملتزق بالسماء ، وإنّما تجري في فلك دون السماء.
قوله : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (٤١) : يعني نوحا وبنيه الثلاثة : سام وحام ويافث ؛ منهم ذرّيّة الخلق بعد ما غرق قوم نوح. والمشحون : الموقر بحمله ممّا حمل نوح معه في السفينة. قال : (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ) : أي من مثل الفلك (ما يَرْكَبُونَ) (٤٢) : يعني الإبل. ويقال : إنّها سفن البرّ. وقال في آية أخرى : (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) (١٢) [الزخرف : ١٢].
قال : (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) : أي فلا مغيث لهم (٢) (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) (٤٣) : أي من العذاب (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) (٤٤) : أي إلى يوم القيامة ، ولم نهلكهم بعذاب الاستئصال ، وسيهلك كفّار آخر هذه الأمّة بالنفخة الأولى.
قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ) : أي (ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) من وقائع الله بالكفّار ، أي : لا ينزل بكم ما نزل بهم. (وَما خَلْفَكُمْ) عذاب الآخرة بعد عذاب الدنيا.
__________________
(١) في رواية هذه الأقوال بعض التكرار وبعض الاضطراب في ب وع ؛ والتصحيح من سح ومن ز.
(٢) كذا في المخطوطات ، وهو ما ذكره أبو عبيدة أيضا : «لا مغيث لهم». وقال الفرّاء : «الصريخ : الإغاثة». وانظر اللسان : (صرخ).