وقال بعضهم يقول : هم الملائكة الذين يكتبون أعمال العباد.
قولهم : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) هو ما بين النفختين لا يعذّبون في قبورهم ما بين النفختين. ويقال : إنّها أربعون سنة ؛ فلذلك قالوا : (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) ، وذلك أنّه إذا نفخ في الصور النفخة الأولى قيل له : اخمد ، فيخمد إلى النفخة الآخرة.
ذكروا عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بين النفختين أربعون ، الأولى يميت الله بها كلّ شيء ، والآخرة يحيي الله بها كلّ ميّت (١). وبلغنا عن عكرمة قال : النفخة الأولى من الدنيا ، والنفخة الثانية من الآخرة. وقال الحسن : القيامة اسم جامع يجمع النفختين جميعا.
قوله تعالى : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) : يعني ما كانت إلّا صيحة واحدة. (فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ) : أي المؤمنون والكافرون جميعا (لَدَيْنا) : أي عندنا (مُحْضَرُونَ) (٥٣).
قال : (فَالْيَوْمَ) : يقوله يومئذ (لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٥٤). فأخبر بمصير أهل الإيمان وأهل الكفر فقال : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ) : يعني في الآخرة (فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) (٥٥) : قال بعضهم : (فِي شُغُلٍ) في افتضاض العذارى. قال : (فاكِهُونَ) أي : مسرورون في تفسير الحسن. وبعضهم يقول : معجبون.
قوله : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ) : أي : على السرر في الحجال (مُتَّكِؤُنَ) (٥٦) : بلغنا أنّ أحدهم يعطى قوّة مائة رجل شابّ في الشهوة والجماع ، وأنّه يفتضّ في مقدار ليلة من ليالي الدنيا مائة عذراء بذكر لا يملّ ولا ينثني ، وفرج لا يحفى ، ولا يمنى في شهوة أربعين عاما. ذكر الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (٢) : إنّ أهل الجنّة يدخلونها كلّهم نساؤهم ورجالهم من عند آخرهم أبناء ثلاث وثلاثين سنة على طول آدم ، طوله ستّون ذراعا ، الله أعلم بأيّ ذراع هو [جردا مردا مكحّلين] (٣) يأكلون ويشربون ولا يبولون ولا يتغوّطون ولا يمتخطون ، والنساء عربا أترابا لا يحضن ولا يبلن ولا يقضين حاجة فيها قذر.
__________________
(١) انظر تخريجه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ٣٨ من سورة الحجر.
(٢) رواه ابن سلّام هكذا : «خالد عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم
(٣) زيادة من سح ، ورقة ١٨٢.