أربعون ، فقد أخلف موسى الوعد.
وكانوا استعاروا حليّا لهم ؛ كان نساء بني إسرائيل استعاروه من نساء آل فرعون ليوم الزينة ، يعني يوم العيد الذي واعدهم موسى. وكان الله أمر موسى أن يسري بهم ليلا ، فكره القوم أن يردّوا العواري على آل فرعون ، فيفطن بهم آل فرعون. فأسروا من الليل والعواري معهم. فقال لهم السامريّ ـ بعدما مضى عشرون يوما وعشرون ليلة في غيبة موسى ، في تفسير الكلبيّ ، وقال بعضهم : بعدما مضت الثلاثون ـ : إنّما ابتليتم بهذا الحليّ فهاتوه ، وألقى ما معه من الحليّ ، وألقى القوم ما معهم. وهو قوله : (فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ) أي : ما معه كما ألقينا ما معنا. فصاغه عجلا. ثمّ ألقى في فيه التراب الذي كان أخذه من تحت حافر فرس جبريل.
وقال بعضهم : قد كان الله وقّت لموسى ثلاثين ليلة وأتمّها بعشر. فلمّا مضت الثلاثون قال السامريّ : إنّما أصابكم الذي أصابكم عقوبة بالحليّ الذي معكم. فهاتوه (١). وكان حليّا استعاروه من آل فرعون ، فساروا وهي معهم فقذفوها إليه ، فصوّروها صورة بقرة. وكان قد صرّ في عمامته قبضة من أثر فرس جبريل يوم جاز بنو إسرائيل البحر فقذفها فيه. (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) ، أي : جعل يخور خوار البقرة ، (فقال) عدوّ الله : (هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ). وكان السامريّ من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة : ولكنّه نافق بعدما قطع البحر مع موسى.
قال الله : (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ) : أي كخوار البقرة. وقال مجاهد : له خوار ، حفيف الريح فيه.
(فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ) (٨٨) : أي فنسي موسى. يقول : إنّما طلب هذا ولكنّه نسيه ، خالف في الطريق طريقا آخر (٢).
__________________
(١) في ب وع : «فهلمّوه». وهو صحيح في العربيّة ، وفي ز ، ورقة ٢٠٩ : «فهاتوه» ، وهو أصحّ وأوضح ، وفي سع ورقة ٢٨ و : «فهابوه». وهو خطأ وفيه تصحيف.
(٢) كذا وردت العبارة في ع ، وفي سع ورقة ٢٨ و : «ولكن نسيه وخالفه في طريق آخر» ، وفي معاني الفرّاء ، ج ٢ ص ١٩٠ : «(فنسي) يعني أنّ موسى نسي ، أخطأ الطريق فأبطأ عنهم فاتّخذوا العجل فعيّرهم الله». وانظر اختلاف المفسّرين في قوله تعالى : (فَنَسِيَ) في تفسير الطبري ، ج ١٦ ص ٢٠٠ ـ ٢٠١.