وقول امرئ القيس :
على هيطل يعطيك قبل سؤاله |
|
أفانين جري غير كر ولا وان |
فقوله : (أفانين جري) إشارة وجيزة إلى معان كثيرة ، وهو أنواع جري الفرس ، ولا شك أن في القرآن العظيم إشارات في هذا الباب ، هي معجزات ، كقوله عزوجل :
(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (٢٩) [الأعراف : ٢٩].
(يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (١٠٤) [الأنبياء : ١٠٤].
(أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) (١٥) [ق : ١٥] فإن هذه إشارات تضمنت ما أطنب فيه المتكلمون من تقرير دليل البعث والإعادة قياسا على البدء ، ونحوه كثير مما ستراه إن شاء الله عزوجل.
وأما الإلهية : فنسبة إلى الإله ، وهو المعبود [الواجب] الوجود ، ونسبت / [٢ ب / م] إليه لأنها منه صدرت وعنه وردت ، إذ القرآن كلام الله عزوجل.
وأما المباحث : / [٢ / ل] فجمع مبحث ، وهو موضع البحث ومحله ، نحو : مطلع الفجر والشمس ، لموضع طلوعهما ، وقياسه كسر الحاء فلعله فتح لأجل حرف الحلق ، حملا على مضارعه وهو يبحث.
والبحث في الأصل : هو كشف التراب ونحوه عما تحته من دفين وغيره ، ثم نقل إلى الكشف عن حقائق المعاني بالنظر ؛ لأن الناظر يكشف عنها الشبه (١) ، كما يكشف الباحث التراب فهو في البحث الاصطلاحي حقيقة عرفية ، مجاز لغوي.
وأما الأصولية : فنسبة إلى الأصول ؛ لأن الكتاب موضوع لاستخراج مسائل الأصول من إشارات التنزيل ، وإنما نسب إلى لفظ الجمع ، وإن كان القياس في هذا الباب رد الجمع إلى الواحد ، ثم ينسب إليه نحو : «رجلي» في النسبة إلى رجال ، و «عبدي» إلى عباد ؛ لأن الأصول صار علما ، أو كالعلم على هذا الفن من العلم ؛ فجرى لذلك مجرى النسبة إلى الأنصار والمدائن والفرائض ، يقال : أنصاري ومدائني وفرائضي ونحوه.
__________________
(١) الشبه جمع شبهة والشبهة الظن المشتبه بالعلم انظر اللسان ١٣ / ٥٠٤.