فيه قولان (١) : فمن قال : هو على مقتضاه الوضعي ، قال : خرج نحو (فَاصْطادُوا.)
(فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٠) الجمعة [١٠] بدليل خاص.
(وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢) [المائدة : ٢] عام في كل بر وتقوى ، يخص منه ما عجز عنه ، أو عارضه مفسدة راجحة كالنهي عن منكر ، يثير فتنة عامة والأمر بمعروف يفوت أهم منه ، فلا يتعاون عليه (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا) [المائدة : ٢] عام أيضا يخص منه ما استكره عليه ، أو جهل تحريمه ، أو تضمن مصلحة راجحة لقوم هموا بفسق عام كالقتل والزنا وإتلاف المال ، وأمكن إشغالهم وتعويقهم عن ذلك بسماع الملاهي أو شرب شراب ونحوه مما مفسدته أقل من مفسدة ما هموا به ، جاز إعانتهم عليه ، وربما وجب.
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ) [المائدة : ٣] عام في تحريمها ، ويخص بما خصت به الميتة في المخمصة ونحوه.
(وَما أَكَلَ السَّبُعُ) [المائدة : ٣] عام خص بالاستثناء.
(إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) [المائدة : ٣] وكذلك هو مخصص للأربعة قبلها فما أدركت تذكيته منها حل ، وهذا استثناء رجع إلى جمل ، وهل يرجع الاستثناء إلى ما قبله فقط ، أو إلى جميع ما تقدمه مما يصلح رجوعه إليه ، أو يوقف فيه؟ فيه أقوال : موضعها سورة النور ، إن شاء الله ، عزوجل.
(وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) [المائدة : ٣] عام إلا في ضرورة يستباح بها الكفر ، ونحوه.
(ذلِكُمْ فِسْقٌ) [المائدة : ٣] أي جميعه أكل المحرمات ، والاستقسام وهو عام في كونه فسقا ، إلا ما استبيح منه بالتخصيص ، فلا فسق فيه.
__________________
(١) انظر المسألة في المستصفى للغزالي [١ / ٤٣٥] والأحكام للآمدي [٢ / ٢٦٠] ونهاية السول [٢ / ٣٥] وشرح الكوكب المنير [٣ / ٥٦].