(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) [المائدة : ٣] عام في الكفار الآيسين ما عاد أحد منهم يطمع في تبديل دين الإسلام بالكلية.
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣] عام في الدين ، لم يبق في شيء منه / [١٢٨ / ل] نقص.
(وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) [المائدة : ٣] عام أريد به الخاص وهو نعمة الدين ، أما نعمة الدنيا ، ففي إتمامها نظر ؛ فإنها إنما تتم بملك الدنيا بأسرها كما ملكها سليمان ونحوه.
ولقائل أن يقول : لعل الاقتصار من نعمة الدنيا على بعضها من إتمام نعمة الدين في حق هؤلاء المخاطبين لئلا تلهيهم عن مهام الآخرة.
(وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) [المائدة : ٣] إن قيل : هاهنا وفي قوله ـ عزوجل ـ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٩) [آل عمران : ١٩] (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٨٥) [آل عمران : ٨٥] جعل الإسلام هو الدين جميعه ، وفي حديث جبريل الصحيح جعل الإيمان والإسلام والإحسان هو الدين ، فالدين الذي / [٦١ / أ / م] هو الإسلام في الآيات الثلاث هو ثلث الدين الذي هو مجموع الأمور الثلاثة في الحديث ، فكيف الجمع؟
وجوابه من وجوه :
أحدها : أن الثلاثة لما كانت متلازمة في نظر الشرع جاز التعبير ببعضها عن جميعها ؛ لأن باقيها لا ينفك عن المذكور منها كما يقال : الإنسان هو الناطق ، ولا ينص على الحيوان للزومه إياه.
الثاني : أن يكون الدين مشتركا بين الأمور الثلاثة المذكورة في الحديث ، وبين الإسلام وحده المذكور في الآية. فأراد في كل واحد منهما أحد المشتركين.
الثالث : يكون معناه : ورضيت لكم الإسلام من الدين ، أي رضيته لكم جزءا من الدين مضموما إليه الجزءان الآخران.
الرابع : أن معناه ورضيت لكم دين الإسلام وهو مجموع الأمور الثلاثة فتتفق الآية والحديث.
الخامس : أن الإسلام صار في العرف علما على ما يقابل اليهودية والنصرانية وسائر