مبحث العموم والخصوص
وأما العموم والخصوص ، فالنظر في لفظ العموم ، وحده ، وأدواته وحكمه.
أما لفظه فهو مصدر «عم يعم [عمّا و] عموما» نحو «شمل يشمل شمولا» وزنا ومعنى ؛ إذ معنى العموم هو الشمول ؛ يقال : «اللهم عمنا برحمتك» أي : اشملنا بها.
وأما حده فهو : استغراق اللفظ لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد.
والعام هو : اللفظ المستغرق لما يصلح له كذلك.
وقد يشتبه العام بالمطلق وهو اللفظ الدال على الماهية من حيث هي هي ، من غير اعتبار قيد زائد ؛ نحو «رجل» و «رقبة» و «دابة» بخلاف «الرجال» و «الرقاب» و «الدواب» ؛ فإنه عام ، وبخلاف «رجل مؤمن» و «رقبة كافرة» ، أو «صحيحة» و «دابة فارهة» ونحوه ؛ فإنه مقيد.
وأما أدواته ـ أعني ألفاظه وما يفيده ـ : فاعلم أن المفيد للعموم : إما أن يفيده لغة أو عرفا أو عقلا ، والذي يفيده لغة : إما أن يفيده على الجمع ، أو على البدل ، والذي يفيده على الجمع : إما أن يفيده وهو اسم موضوع له ، أو يفيده بمقارن أفاده. فالذي يفيده بالوضع : إما أن يكون موضوعا لذوي العلم فقط ، وهو «من» في الشرط والاستفهام ؛ نحو : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (١٢٣) [النساء : ١٢٣].
و (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ) (٦٣) [هود : ٦٣].
و «من عندك».
أو لذوي العلم وغيرهم : وهو «أي» شرطا أو استفهاما ؛ نحو : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً) (١١٠) [الإسراء : ١١٠].
و (وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨١) [الأنعام : ٨١].
و «أي الرجال لقيت؟». و «كل» و «جميع» أيضا ؛ نحو : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا