ويسدد لسانك» ثم ضرب صدره وقال : «اللهم اهد قلبه وسدد لسانه» (١) قالوا : قد دعا له بهداية القلب وسداد اللسان ، وأخبره بأن سيكونان له ، ودعاؤه مستجاب وخبره حق وصدق ، ونحن لا نعني بالعصمة إلا هداية القلب للحق ونطق اللسان بالصدق ، فمن كان عنده للعصمة معنى غير هذا أو ما يلازمه فليذكره.
وأما دليل العصمة في فاطمة ـ رضي الله عنها ـ فكقوله ـ صلىاللهعليهوسلم : «فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها» (٢) والنبي صلىاللهعليهوسلم ـ معصوم فبضعته أي جزؤه والقطعة منه يجب أن تكون معصومة.
وأما دليل العصمة في جميعهم ـ أعني عليا وفاطمة وولديهما فلقوله ـ صلىاللهعليهوسلم : «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» (٣) رواه الترمذي ، ووجه دلالته أنه لازم / [١٦١ أ / م] بين أهل بيته والقرآن المعصوم ، وما لازم فهو معصوم ، قالوا : وإذا ثبت عصمة أهل البيت وجب أن يكون إجماعهم حجة لامتناع الخطأ والرجس عنهم بشهادة المعصوم ، وإلا لزم وقوع الخطأ فيه وإنه محال.
واعترض الجمهور بأن قالوا : لا نسلم أن أهل البيت في الآية هم من ذكرتم ، بل هم نساء النبي صلىاللهعليهوسلم بدليل سياقها وانتظام ما استدللتم به معه ، فإن الله ـ عزوجل ـ قال : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٣٢) [الأحزاب : ٣٢] ، ثم استطردها إلى أن قال : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
__________________
(١) رواه أبو داود [٣ / ٣٠٠١] ح [٣٥٨٢] والنسائي في الكبرى [٥ / ١١٦] ح [٨٤١٩] وأحمد [١ / ٨٣ ، ٨٨ ، ١١١] وابن حبان [١١ / ٤٥١] ح [٥٠٦٥] والحاكم [٣ / ١٤٥] وأبو يعلى [١ / ٣٢٣].
(٢) رواه البخاري في كتاب فضائل الصحابة [٣٧٦٧] ومسلم في كتاب فضائل الصحابة [١٦ / ٣ / ح ٢٤٤٩ [٩٤]] وأبو داود في كتاب النكاح [٢ / ٢٢٤ / ح ٢٠٧١] والنسائي في الكبرى في كتاب المناقب [٥ / ٩٧ / ٨٣٧٠] والترمذي في كتاب المناقب [٥ / ٦٥٥ / ح ٣٨٦٧] وابن ماجة في سننه في كتاب النكاح [١ / ٦٤٣ / ١٩٩٨].
(٣) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة ح [٣٤٠٨] ، والترمذي في المناقب ح [٣٧٨٦].