وملأنا كلّ مزادة وسقاء ... الخ.
اليهوديّ : إنّ موسى قد اعطي المنّ والسلوى ، فهل اعطي محمد صلىاللهعليهوآله نظير هذا؟
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اعطي ما هو أفضل من هذا ، إنّ الله عزّ وجلّ أحلّ له الغنائم ولامّته ، ولم تحلّ لأحد قبله ، فهذا أفضل من المنّ والسّلوى ، ثمّ زاده بأن جعل النّيّة ـ أي نيّة عمل الخير ـ له ولامّته بلا عمل عملا صالحا ، ولم يجعل لأحد من الامم ذلك قبله ، فإذا همّ أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ، وإن عملها كتبت له عشرا.
اليهوديّ : إنّ موسى قد ظلل عليه الغمام.
لقد كان كذلك ، وقد فعل ذلك لموسى في التّيه ، واعطي محمّد صلىاللهعليهوآله أفضل من هذا إنّ الغمامة كانت تظلّه من يوم ولد إلى يوم قبض ، في حضره وأسفاره ، فهذا أفضل ممّا اعطي موسى.
اليهودي : هذا داود قد ليّن الله له الحديد فعمل منه الدروع.
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله قد اعطي ما هو أفضل منه ، إنّه ليّن الله عزّ وجلّ له الصّمّ الصّخور الصّلاب ، وجعلها غارا ، ولقد غارت الصّخرة تحت يده ببيت المقدس ليّنة حتّى صارت كهيئة العجين وقد رأينا ذلك ، والتمسناه تحت رايته.
اليهوديّ : إنّ داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبال معه لخوفه.
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اعطي ما هو أفضل من هذا ، إنّه كان إذا قام إلى الصّلاة ، سمع لصدره وجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي من شدّة البكاء ، وقد آمنه الله عزّ وجلّ من عقابه فأراد أن يتخشّع لربّه ببكائه ،