ويكون إماما لمن اقتدى به ، ولقد قام عشر سنين على أطراف أصابعه حتّى تورّمت قدماه واصفرّ وجهه ، يقوم اللّيل أجمع حتّى عوتب في ذلك ، فقال الله عزّ وجلّ :
( طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ) (١) بل لتسعد به ، ولقد كان يبكي حتّى يغشى عليه ، فقيل له :
يا رسول الله ، أليس الله عزّ وجلّ قد غفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟
قال : بلى أفلا أكون عبدا شكورا ...
اليهوديّ : إنّ سليمان اعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده.
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اعطي ما هو أفضل منه ، إنّه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله ، وهو ميكائيل ، فقال له :
يا محمّد ، عش ملكا منعّما ، وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك ، وتسير معك جبالها ذهبا وفضّة ، لا ينقص لك فيما ادّخر لك في الآخرة شيء ، فأومأ إلى جبرئيل ، وكان خليله من الملائكة فأشار إليه : أن تواضع ، فقال :
بل أعيش عبدا آكل يوما ، ولا آكل يومين ، وألحق بإخواني من الأنبياء من قبلي فزاده الله الكوثر وأعطاه الشّفاعة ، وذلك أعظم من ملك الدّنيا من أوّلها إلى آخرها سبعين مرّة ، ووعده المقام المحمود ، فإذا كان يوم القيامة أقعده الله تعالى على العرش ، فهذا أفضل ممّا اعطي سليمان بن داود.
اليهوديّ : إنّ سليمان قد سخّرت له الرياح فسارت به في بلاده غدوّها شهر ورواحها شهر.
__________________
(١) طه : ١ ـ ٢.