لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اعطي ما هو أفضل من هذا ، إنّه اسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى مسيرة شهر ، وعرج به في ملكوت السّماوات مسيرة خمسين ألف عام في أقلّ من ثلث ليلة حتّى انتهى إلى ساق العرش ، فدنا بالعلم فتدلّى ، فدلّي له من الجنّة رفرف أخضر وغشّي النّور بصره ، فرأى عظمة ربّه عزّ وجلّ بفؤاده ، ولم يرها بعينه فكان كقاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، فكان فيما أوحى إليه الآية الّتي في سورة البقرة ( لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١).
اليهوديّ : هذا يحيى بن زكريا اوتي الحكم صبيا والحلم والفهم ، وانّه كان يبكي من غير ذنب وكان يواصل الصوم.
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اعطي ما هو أفضل من هذا ، إنّ يحيى بن زكريّا كان في عصر لا أوثان فيه ولا جاهليّة ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله اوتي الحكم والفهم صبيّا بين عبدة الأوثان وحزب الشّيطان ، ولم يرغب لهم في صنم قطّ ، ولم ينشط لأعيادهم ، ولم ير منه كذب قطّ ، وكان أمينا ، صدوقا ، حليما ، وكان يواصل صوم الأسبوع والأقل والأكثر ، فيقال له في ذلك : فيقول : إنّي لست كأحدكم ، إنّي أظلّ عند ربّي ، فيطعمني ، ويسقيني ، وكان يبكي حتّى يبتلّ مصلاّه خشية من الله عزّ وجلّ من غير جرم.
اليهوديّ : إنّ عيسى بن مريم يزعمون أنه تكلّم في المهد صبيا.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٤.