ولقد بعث إلى شجرة يوم البطحاء فأجابته ، ولكلّ غصن منها تسبيح وتهليل وتقديس ، ثمّ قال لها : انشقى ، فانشقّت نصفين ، ثمّ قال لها : التزقي فالتزقت ، ثمّ قال لها : اشهدي لي بالنّبوّة فشهدت ، ثمّ قال لها : ارجعي إلى مكانك بالتّسبيح والتّهليل والتّقديس ففعلت ، وكان موضعها بجنب الجزّارين بمكّة.
اليهوديّ : إنّ عيسى يزعمون أنه كان سياحا.
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله كانت سياحته في الجهاد واستنفر في عشر سنين ما لا يحصى من حاضر وباد ، وأفنى فئاما من العرب من منعوت بالسّيف ... وذلك لنشر كلمة التوحيد ـ.
اليهوديّ : إنّ عيسى يزعمون كان زاهدا.
لقد كان كذلك ، ومحمّد صلىاللهعليهوآله أزهد الأنبياء ، كان له ثلاث عشرة زوجة سوى من يطيف به من الإماء ، ما رفعت له مائدة قطّ وعليها طعام ، وما أكل خبز برّ قطّ ، ولا شبع من خبز شعير ثلاث ليال متواليات قطّ ، توفّي ودرعه مرهونة عند يهوديّ بأربعة دراهم ، ما ترك صفراء ولا بيضاء مع ما وطّئ له من البلاد ، ومكّن له من غنائم العباد ، ولقد كان يقسّم في اليوم الواحد ثلاثمائة ألف أو أربعمائة ألف ، ويأتيه السّائل بالعشيّ فيقول : والّذي بعث محمّدا بالحقّ ما أمسى في آل محمّد صاع من شعير ، ولا صاع من برّ ، ولا درهم ، ولا دينار.
وانتهت هذه المناظرة التي حفلت بتفوّق الرسول صلىاللهعليهوآله على سائر الأنبياء وامتيازه عليهم بما منحه الله وآتاه من الطاقات الهائلة في ميادين الفضائل التي لا حدّ لها ، وقد أسلم اليهودي ، وقال :