الشيء البارز في حياة الإمام السياسية احتجاجاته الصارمة على الخلفاء ومناظراته معهم ، فإنّها تلقي الأضواء على ما يكنّه الإمام من أسى بالغ بسبب إبعاده عن المسرح السياسي ، وحجبه عن الخلافة التي هي ظلّ الله في الأرض يحتمي بظلالها المظلومون والمضطهدون ، ويفزع إليها البائسون والمحرومون.
وعلى أي حال فقد نجم عن إقصاء الإمام عن قيادة الامّة أن خسرت الإنسانية الطاقات الهائلة التي يملكها الإمام في ميادين الحكم والإدارات وحقول التربية والسياسة ، وغيرها من الوسائل التي تتطوّر بها الحياة العامّة.
والشيء المؤكد أنّ المهاجرين في يثرب كانوا امتدادا للاسر القرشية في مكّة ، وكانوا يمثّلون رغباتهم ، ويحكون انطباعاتهم وميولهم ، وكانت معظم نفوس القرشيّين مترعة بالكراهية للإمام ؛ لأنه أشاع في بيوتهم الثكل والحزن والحداد في سبيل الدعوة الإسلامية التي ناهضوها بجميع قدراتهم ، وبالإضافة لذلك فإنّ نفوس القرشيّين قد طبعت على الأنانية والحسد ، وهي من عناصرهم ومقوّماتهم ، وقد بدت هذه الظاهرة بصورة واضحة للبيت الهاشمي الذي لمع نجمه بسيّد الكائنات الرسول محمّد صلىاللهعليهوآله فقد ورمت منه انوفهم وتميّزوا غيظا منهم.
لقد ظهر حقد القرشيين على أهل بيت النبوة عليهمالسلام بصورة واضحة بعد انتقال النبي صلىاللهعليهوآله إلى حظيرة القدس فقد رفعوا عقيرتهم بصورة محمومة بهذا الشعار المزيف :