( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) (١).
وبقوله : ( مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ) (٢) ، وللإيمان حالات ومنازل يطول شرحها. ومن ذلك أنّ الإيمان قد يكون على وجهين :
إيمان بالقلب وإيمان باللّسان ، كما كان إيمان المنافقين على عهد رسول الله لمّا قهرهم بالسّيف ، وشملهم الخوف فإنّهم آمنوا بألسنتهم ، ولم تؤمن قلوبهم ، فالإيمان بالقلب هو التّسليم للرّبّ ، ومن سلّم الأمور لمالكها لم يستكبر عن أمره ، كما استكبر إبليس عن السّجود لآدم ، واستكبر أكثر الامم عن طاعة أنبيائهم ، فلم ينفعهم التّوحيد ، كما لم ينفع إبليس ذلك السّجود الطّويل ، فإنّه سجد سجدة واحدة أربعة آلاف عام ، ولم يرد بها غير زخرف الدّنيا ، والتّمكين من النّظرة ، فلذلك لا تنفع الصّلاة والصّدقة إلاّ مع الاهتداء إلى سبيل النّجاة ، وطرق الحقّ ، وقد قطع الله عذر عباده بتبيين آياته ، وإرسال رسله ، لئلا يكون للنّاس على الله حجّة بعد الرّسل ، ولم يخل أرضه من عالم بما تحتاج إليه الخليقة ، ومتعلّم على سبيل النّجاة ، اولئك هم الأقلّون عددا ، وقد بيّن الله ذلك في امم الأنبياء وجعلهم مثلا لمن تأخّر ، مثل قوله في قوم نوح : ( وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ ) (٣).
__________________
(١) الأنعام : ٨٢.
(٢) المائدة : ٤١.
(٣) هود : ٤٠.