وجعلهم حججا في أرضه ... إلى آخر ما ذكره.
وأمّا ما كان من الخطاب بالانفراد مرّة وبالجمع مرّة ، من صفات الباري جلّ ذكره ، فإنّ الله تبارك وتعالى اسمه على ما وصف به نفسه بالانفراد والوحدانيّة ، هو النّور الأزليّ القديم الّذي ليس كمثله شيء ، لا يتغيّر ويحكم ما يشاء ويختار ، ولا معقّب لحكمه ، ولا رادّ لقضائه ، ولا ما خلق زاد في ملكه وعزّه ، ولا نقص منه ما لم يخلقه ، فخلق ما شاء كما شاء ، وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من اصطفى من امنائه ، وكان فعلهم فعله ، وأمرهم أمره ، كما قال : ( مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ ) (١) وجعل السّماء والأرض وعاء لمن يشاء من خلقه ليميز الخبيث من الطّيّب ، مع سابق علمه بالفريقين من أهلها ...
وتحدّث الإمام بصورة مستوعبة عن الإمامة وضرورتها وما يرتبط بالموضوع.
وأمّا قوله تعالى : ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ) (٢) فالمراد كلّ شيء هالك إلاّ دينه لأنّه من المحال أن يهلك منه كلّ شيء ويبقى الوجه ، هو أجلّ وأكرم وأعظم من ذلك ، إنّما يهلك من ليس منه. ألا ترى أنّه قال : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ. وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) (٣)؟
وحوت المناظرة التالية على بعض البحوث التي لا يقرها العلم ، وقد أعرضنا عن ذكرها لاعتقادنا أنّها من الموضوعات ، ونكتفي بهذا المقدار منها (٤).
__________________
(١) النساء : ٨٠.
(٢) القصص : ٨٨.
(٣) الرحمن : ٢٦ ـ ٢٧.
(٤) ومن أراد الوقوف عليها فإنها في الاحتجاج للطبرسي ١ : ٣٥٨ ـ ٣٨٤.