كان إمام المتّقين على المنبر يخطب الناس ويوعظهم ، ويرشدهم إلى طريق الحقّ ، فانبرى إليه ابن الكوّاء فقال له :
أخبرني عن ذي القرنين أنبيّا كان أم ملكا؟ وأخبرني عن قرنيه أمن ذهب كانا أم من فضّة؟
فأجابه الإمام :
« لم يكن نبيّا ولا ملكا ، ولم يكن قرناه من ذهب ولا فضّة ، ولكنّه كان عبدا أحبّ الله فأحبّه الله ، ونصح لله فنصح الله له ، وإنّما سمّي « ذا القرنين » لأنّه دعا قومه إلى الله عزّ وجلّ فضربوه على قرنه فغاب عنهم حينا ثمّ عاد إليهم ، فضرب على قرنه الآخر ، وفيكم مثله » (١).
يعني نفسه الشريفة ، فقد ضربه عمرو بن عبد ودّ على قرنه الأوّل ، وضربه الزنيم الفاجر ابن ملجم ضربة اخرى على هامته ففلقها ، وكانت بها شهادته.
روى الأصبغ بن نباتة قال : كنت جالسا عند الإمام عليهالسلام فجاء ابن الكوّاء ، فقال للإمام : من البيوت في قول الله عزّ وجلّ : ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها ) (٢)؟
فقال الإمام عليهالسلام :
« نحن البيوت الّتي أمر الله بها أن تؤتى من أبوابها ، نحن باب الله وبيوته الّتي يؤتى منها ، فمن تابعنا وأقرّ بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها ،
__________________
(١) المصدر السابق ١ : ٣٤١.
(٢) البقرة : ١٨٩.