يعوزهم الدليل والبرهان ، وسرعان ما تفشل معتقداتهم ، وتتلاشى آراؤهم كما يتلاشى الدخان في الفضاء.
٣
وكان الاحتجاج هو السّمت البارز في دعوة الأنبياء إلى الله تعالى وإبطال مذاهب خصومهم الوثنيّين ، فقد أفلجوا بالأدلة الحسّية آراء الملحدين ، فهذا شيخ الأنبياء إبراهيم عليهالسلام حينما حاججه أحد فراعنة عصره في الله تعالى أجابه إبراهيم بأروع الأدلة ، وقد حكى القرآن الكريم هذه المحاججة ولننظر إليها ، قال تعالى :
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (١).
فوجم الذي كفر ولم يطق جوابا ، وانهار أمام هذه الحجّة الدامغة.
٤
أمّا سيّد الأنبياء وخاتم المرسلين فقد اعتمد في تبليغ رسالة ربّه على الحوار والمحاججة مشفوعة بالخلق الكامل ، فقد أمره الله تعالى بذلك ، قال تعالى :
( ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) (٢).
__________________
(١) البقرة : ٢٥٨.
(٢) النحل : ١٢٥.