وبقي الرسول صلىاللهعليهوآله مستمرا في تبليغ دعوته الخلاّقة يحتجّ ويناظر ويدافع عن قيمها ومبادئها ، ووقف كالطود الشامخ أمام طغيان القرشيّين وعتاتهم ، حتى فتح الله له الفتح المبين ، واندحرت العصابات القرشية التي لا تحمل أي طابع من الفكر والوعي.
٥
ونؤكد أنّ الإسلام بصورة إيجابية ومتميّزة قد تبنّى المحاورة والمناظرة في تبليغ رسالته ، ولم يلجأ إلى القوّة العسكرية ولا لأي وسيلة من وسائل العنف والقهر ، فقد أعلن القرآن الكريم بصراحة ووضوح أن ( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) (١) ، وإنّما فتح باب الحرب مع خصومه وأعدائه للدفاع عن قيمه ومبادئه وأهدافه التي جهدت العصابات القرشية على محوها وحجبها عن المجتمع الإنساني.
إنّ رسالة الإسلام الخالدة قد رفعت مشاعل النور ، وأسّست معالم الحضارة في المشرق العربي ، وقد سعت لتأسيس أهدافها بالاحتجاج والمناظرة لا بالسيف والنطع.
٦
كان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام من ألصق الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله وأقربهم إليه ، فهو باب مدينة علمه ، وأبو سبطيه ، ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى. فقد تطبّع بأخلاقه ، والتزم بحرفية منهجه ، وسار على أضواء رسالته لم يخالف أي سنّة منها ، فاعتمد عليهالسلام
__________________
(١) البقرة : ٢٥٦.