وذكرنا انفعالها وامتزاجها ، وتراكمها وحركاتها الثلاث ، وانفعالها وترتبها ، وعلو ما علا باستحقاق ، ورسوب ما سفل كذلك باستحقاق. وكان ذلك جميعه من ساعة ظهور عالم الإبداع بحرف كن (١). فكان من سبق المبدع وشهادته ، وانبعاث المنبعثين ، والدعوة بهما ، وإجابة من أجاب ، وتخلف من تخلف ، وتكثف المتخلف وانفعاله ، وترتبه في مراتبه إلى حد انعقاد مركز الأرض كلمح البصر. فسبحان من له الخلق والأمر ، ولا إله سواه.
ولم يبق إلّا الكلام بعد كمال الكلام على المكان والزمان ، على ظهور المواليد الثلاثة بقصد أيضا ثان ، بتؤدة ومكنة ، وأدوار ، وفعل ، وانفعال ؛ إن شاء الله تعالى من قول العلماء ، وأوضاع الحكماء ، بما نبينه بعون ولي العون.
__________________
(١) كن : يذهب علماء الإسماعيلية إلى أن كلمة الله تعالى سميت العلة الأولى وهي الوحدة ، لأن حوامل الوحدة أربعة ، وهم الأصلان (السابق والتالي) ، والأساسان (الناطق والأساس) والكلمة أربعة أحرف كذلك. فالكاف منها نظير العقل الذي هو معدن الجواهر العلوية والسفلية وأصل الأيسيات. واللام نظير التالي ، إذ بالنفس لزم اللمية التي هي أصل المخاطبة ، وبه تلمع أنوار العقل في العالم الجسماني وفي الأشخاص المتجزئة. والميم نظير الناطق الذي ملك الجسماني والهاء نظير الأساس الذي هو المهدي ، وهو هدية الناطق إلى أمته. والسابق والتالي روحانيان ، والناطق والأساس جسمانيان.