يتموج به الطوفان ، ولا اختلط بالخبيث في المزاج والممتزج ، الذي حدث النيرين لأنهما (١) من سكان السموات العلى في عالم الأجرام. وذلك من أقرب من أقر بالحد الأعظم الذي هو المبدع الأول ، وشهد له وسبحه وقدّسه ، وتخلف عن إجابة المنبعث الأول عند الدعوة به ، وعن إجابة العاشر لما دعا به ، بعد توبته وعودته ، فكان جميع من تصور ذلك سمي صورة ، بسبب أنّه لم يتصور غير هذه الصورة ، وسمي نفسا حسية ، وحياة هيولانية ، بعلوه على من أصر عن فعل شيء ممّا جاء به ، فتكون كما ذكرنا آلة مؤثرة في عالم الاستحالة للكون والفساد ، وسخرت وجبرت ، وأعجمت عن النطق والدراية (٢). وفي عدل باري البرية أن يخلصها (٣) بالتزامها بذلك الحد الجليل ، وبخدمتها وسعيها بالتقديس والتهليل ، لا خلاص لها من الصراط المستقيم ، النهاية الثانية التي هي جنة النعيم.
فكانت البروج الاثنا عشر في السير (٤) الأول الذي هو على وفاء ستين سنة ، عند وفاء الستين ينفعل من البخار والدخان ، اللطيف والشريف ، الذي يكون أصله ممّا يتحلل من (٥) الأجسام الطاهرة ، والأجساد الغابرة ، التي هي لا تجانس شيئا من الأمهات فتختلط به لكونها قد أشرقت وعلت عن مجانستها ، فيتردد ذلك المزاج الذي تصاعد منها ، ثم يتكوّن كوكب على سبيل ما نشاهده من (٦) النيازك التي تصعد إلى فلك النار ، فيتكوكب ، ثم لا يجد منفذا كما قال تعالى : (مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً) (٧). فتخر وتسقط ، وهي منظورة معاينة ، مشاهدة تلك النيازك ، فتلك تنفعل كذلك ، وتتكوّن بتدبير المقدر لها ، على عدد نجوم كل برج قد استحق أن يقوم مقامه
__________________
(١) لأنهما : لأنها في ط.
(٢) الدراية : الدرية في ط.
(٣) يخلصها : سقطت في ج.
(٤) السير : لير في ج.
(٥) من : في ، في ج.
(٦) من : في ، في ج.
(٧) سورة ٧٢ / ٨.