بموجودات عالم الطبيعة في نفس المبعوث في الكمال منبعثا قائما بالفعل الذي يقتضيه كماله. فالذي يكون بالإسراء بعث من الله تعالى كما قال عزوجل (١) : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِ) (٢) الآية.
والذي يكون بتعليم من جهة من يكون طبيعيا فلكون ما يعلم من جهة المبعوث المرقي إلى درجة الكمال المنبعث الانبعاث الثاني ، القائم بالتعليم ، ممّا يتم فيه البعث ، وأمّا ما يكون آخرا وهو النفخ الثاني المخصوص بالقيامة عند تكامل الأدوار ، واستكمال قيام الفعل بالفعل بخروج الأنفس من حضانة التعليم من جهة المؤيدين ، فهو اتصال بقوى النهاية الأولة التي هي الموجود الأول (٣) بالإبداع الأول ، والمنبعث الأول بالانبعاث الأول ، المعرب عنه بروح القدس ، بالنهاية الثانية ، التي هي تمام كون الإنسان المتعلق وجوده بتكامل الأدوار السبعة من جهة المؤيدين المبعوثين المنبعثين الانبعاث الثاني في دار الطبيعة الذي هو الخلق الجديد ، والخلق الآخر ، الجامع للأنفس كلها ، الحاصلة في الوجود ، من أول الدهر إلى آخره ، المكتسبة في دنياها ، المفارقة أشخاصها في أزمانها ، الحاصلة في المجمع لتمام الأمر ، المنتظرة لقيامها وسريانها في الأنفس تشبيها ، كسريان الحياة الحسية في الطفل عند الولادة ، متقدة نارها ، سارية فيها ، أثرها متقدم.
ووجود النفس النامية التي هي أمثال المكتسب بالعلم والعمل ، اللذين بهما تحصل تلك القوة الإلهية ، وعود الآخر إلى الأول. فذلك هو النفخ الثاني الذي كان التعليم في الدنيا من جهة الأنبياء والأوصياء والأئمة ، له نفخا أولا ، كما بينا. قال الله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) (٤).
__________________
(١) ع. ج : سقطت في ط.
(٢) سورة : ٢ / ٢١٣.
(٣) الأول : الأولى في ج.
(٤) سورة : ٢٣ / ١٠١.