هو باب الحجاب ، نفس الكل ، عاشر الرتب ولذلك أنّه المحرك لعالم الطبيعة ما علا منها ودنا ، وأقام الحدود ورتب المراتب ، وجذب من علا أو هبط ومن سقط ، كما قال تعالى : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (١) ، بمواد العقول المجردة وتأييدهم لهم بشعاع العلي العظيم الذي هو المبدع الأول المسمى به وصي الدور ، وموفي الفكر لظهور الولد التام الذي به يرتفع إلى ما علا عليه من الرتب الانبعاثية ويسكن هو عن الفعل والتدبير لعالم الطبيعة به ، ويخلفه في مكانه ، ونحن سنحقق ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
فإذا دنا التمام وثبت الكمال ، بتوارد الصور الشريفة المذكورة إلى المجمع العالي وكان الكل بحصول الكل شخصا واحدا ، كان القائم صلوات الله عليه ، غلاف هو ألطف من كل لطيف ، وأشرف من كل شريف ، وذلك أنّه يكون من الكواكب المنحدرة ، ومن الجواهر المتجوهرة كما قال تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ. وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) (٢). فيكون ذلك الغلاف أبهى وأطهر وأشرف وأنور وأعلى وأقدر من جميع ما تقدم عليه من أجسام المقامات ، كما أن لطيفه ألطف ما لطف ، فجسده ذلك هو زبدة ما انحدر من الكواكب ومن لطافة ما تلطف من الجواهر.
وذلك أنها إذا انسحقت بعدت فاتصلت خاصتها بفاكهة تكون غذاء لها ، أعني تكون رطبة تغتذي بها شجرة فاكهة وتنمو في أغصانها ، ثم يتحد ببذره فتمتزج به. حتى إن تلك الخاصة تميزها العناية الإلهية فتستخار حتى يمكن أنها تكون في جنة (٣) ، ثم تصير بالاستحقاق والاتفاق غذاء الوالدة ، ثم يكون الحال على ما ذكره ، فإذا ظهر ذلك الولد التام ، كان ذلك الجسد أشرف من غلاف الموجود الأول المتكون من الماء والطين ، فيكون له من
__________________
(١) سورة : ٨ / ٣٨.
(٢) سورة : ٨٢ / ١ ، ٢.
(٣) جنة : حبة في ج.