ونحن اليوم نأتي بما جاء عن سيدنا المؤيد نضر الله وجهه ورزقنا شفاعته في صحة ما تقدم به الكلام وبيانه ، ولم نأت بكلام كل حد وتكرار فصولهم إلّا استشهادا على ما أوضحناه ، وسيدنا المؤيد أقرب الحدود إلينا وهو لا يأتي إلّا بتصحيح ما جاء به الحدود وإلغاء ما كان فيه شبهة أو فساد ، لأن الآخر ينسخ ما جاء به الأول بإيضاح الرموز ، وهو حجّة رابع الأشهاد ذي القوة في العلم والتأييد والحكمة والتسديد المنصوص عليه باسم الحجية ، كما قال مولاه :
يا حجة مشهورة (١) في الورى |
|
وطود علم أعجز المرتقي |
إلى قوله في جملته :
شيعتنا قد عدموا رشدهم |
|
في الغرب يا صاح وفي المشرق |
فانشر لهم ما شئت من علمنا |
|
وكن لهم كالوالد المشفق |
مثلك لا يوجد فيمن مضى |
|
في قادم الدهر ولا من بقي |
إن كنت في دولتنا آخرا |
|
فأنت قد جزت مدى السبق (٢) |
فهذه شهادة من لا ترد شهادته ، وأمر من لا يرد أمره ، وتفويضه له
__________________
(١) مشهورة : ما مثلها في ط.
(٢) قيل إن داعي الدعاة المؤيد في الدين الشيرازي قد منع من مقابلة إمامه «المستنصر بالله» بالرغم من إلحاحه في طلب المثول بين يديه فكتب له شعرا يشكو فيه حاله قال :
أقسم لو أنك توجتني |
|
بتاج كسرى ملك المشرق |
ونلتني كل أمور الورى |
|
من قد مضى ومن قد بقي |
وقلت أن لا نلتقي ساعة |
|
أجبت يا مولاي أن نلتقي |
لأن إبعادك لي ساعة |
|
شيب فوديّ مع المفرق |
فأجابه عليها بخطه بالأبيات المذكورة في المتن أعلاه ، ولكن المؤلف أسقط البيتين التاليين :
ما غلقت دونك أبوابنا |
|
إلا لأمر مؤلم مقلق |
خفنا على قلبك من سمعه |
|
فصدنا صدّ أب مشفق |