ويرتب تراتيبه ليبلغ بها الغرض. وإن النفس لما تحركت الحركة الكلية بمعونة علتها (١) وتقدير من الله ، ظهرت منها الهيولى والصورة والحركة والسكون سببا لنهاية هذا العالم من الطبائع الأربع ، والسموات ، والأرض ، والبرزخ ، والنجوم ، والشمس ، والقمر ، وغير ذلك سببا لتمامها وبلوغ كمالها وخلاصها عن العمل لتبلغ حد العقل الأول وتلحق بمرتبته لأنها تصير مثله وتستريح من العمل ، وتصير في حظيرة القدس لا عمل ، ولا نصب ، ولا تعب ، ولا استمالة ، ولا نقلة من حالة إلى حالة. فأقامت جميع ذلك بأمر الله سبحانه وبمادة علتها ، والفوائد الإلهية وتقدير الأزلية ، والاستفادة الروحانية الأبدية ، بمساعدة علتها التي هي العقل. ولو لا كانت النفس بالقوة دون الفعل لما احتاجت إلى تركيب وانتقال من حال إلى حال حتى تبلغ حد العقل ليصيرها مثله.
وكذلك فعل النفس مع الأنبياء والرسل ، أمدتهم لتخرجهم من حد القوّة إلى حد الفعل بمعونة علتها مثلها وتتخلص هي من العمل ، ذلك تقدير العزيز العليم ، فأول الجسماني يكون فيها قدر (٢) ضعف ، ثم يقوى شيئا بعد شيء إلى حد الكمال.
وقال أيضا : وكذلك نسب القائم (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (٣) أنه الولد التام حيث يقوم في آخر الزمان مقام النفس ويحمل أثقالها ، ويتصور بصورتها ، ويحمل ما تورده عليه بغير واسطة ، وذلك من قوته ، وتدور عليه الرتب السبعة العلمية الروحانية الدينية لأنّه يستوفي جميع القول ممّن تقدمه من الرسل والأنبياء والأوصياء والأئمة صلى الله عليهم أجمعين.
وقال أيضا : وإن النفس لما علمت وصح في ذاتها أنها لا تبلغ من حد
__________________
(١) علتها : عليها في ط.
(٢) فيها قدر : سقطت في ط.
(٣) صلىاللهعليهوآلهوسلم : في ط : صلوات الله عليه في ط.