وما يبلغ المؤمن إلى أغراضه ونهاياته إلا باعتقاده لولي الزمان الذي مرجوعه إليه ، ومعوله في معاده عليه ، لأنّه هو الصراط في كل وقت وحين وأوان ، وهي الدرجة التي يبلغ بها إلى ما لا نهاية كما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، ومن تخلف عنهم أو أعرض أو اعترض عليهم ، أو ألحد فيهم ، فقد سقط عن الصراط وضلّ وهلك ، وصار من حزب الشيطان. فليعلم المرتاد الطالب كيفية خلاصه إلى الآخرة بالأدلة ؛ كما أن معرفة الشهور بالأهلة ، فالمؤمنون مستقرهم وحدودهم ، والحدود ترفعهم إلى درجات الآخرة والجنة العالية ، هم الدرجات إلى درجات البقاء ، ومصيرهم إليهم كما قال سبحانه : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) (١) ، فمن فارق هذا الجسد لحق بهم متصورا في صورتهم على قدر علمه وعمله واعتقاده ، فمن كان من جوهرهم طاب اغتذاؤه ورجع إليهم بالمشاكلة ، وعرفهم وعرفوه ، واتصل بهم ، وحصل في زمرتهم ومقرهم ، وعلت درجته على السموات ونال درجة عظيمة مهولة إذا قام القائم وجرت نفخته ، لأن النفخة نفختان ، فالنفخة الأولى في الصورة التي بها صارت الصورة المكتسبة من العلم والعمل بمنزلة الأجساد ، والنفخة الثانية (٢) فيها بمنزلة الأرواح. فيكون لا موت ولا فناء ، ولا تعب ولا نصب ولا تغيّر ، يرتقون من منزلة جليلة إلى منزلة أجلّ منها ، إلى أن ينتهي كل دور إلى منزلته. فقد أوضح في قوله هذا أنّه ينتقل من منزلة جليلة. يعني من المقامات الدينية إلى المقامات الروحانية على ما ذكرناه بقوله.
فإذا كانت السلالة ترتقي من حالة إلى حالة ، وبرزت من العدم إلى
__________________
(١) سورة : ١٧ / ٧١.
(٢) الثانية : سقطت في ط.