(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠))
قوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) ، الآية.
ع [٧٤] نزلت في نفر من اليهود ، قالوا لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر بعد وقعة أحد : لو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعا إلى ديننا فنحن أهدى سبيلا منكم ، فقال لهم عمّار : كيف نقض العهد فيكم؟ قالوا : شديدا ، قال : فإني قد عاهدت أن لا أكفر بمحمد صلىاللهعليهوسلم ما عشت ، فقالت اليهود : أمّا هذا فقد صبأ ، وقال حذيفة : أمّا أنا فقد رضيت بالله تعالى ربّا وبمحمد نبيّا وبالإسلام دينا وبالقرآن إماما وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا ، ثم أتيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبراه بذلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد أصبتما الخير وأفلحتما» ، فأنزل الله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) ، أي : تمنّى وأراد كثير من أهل الكتاب من اليهود : (لَوْ يَرُدُّونَكُمْ) ، يا معشر المؤمنين (مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً) ، نصب على المصدر ، أي : يحسدونكم حسدا ، (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) ، أي : من تلقاء أنفسهم ولم يأمرهم الله بذلك ، (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ) ، في التوراة أن قول محمد صلىاللهعليهوسلم صدق ودينه حق ، (فَاعْفُوا) : فاتركوا (وَاصْفَحُوا) ، وتجاوزوا ، فالعفو : المحو ، والصفح : الإعراض ، وكان هذا قبل آية القتال ، (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) ، بعذابه القتل والسبي لبني قريظة والجلاء والنفي لبني النضير ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقال قتادة : هو أمره بقتالهم في قوله : (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) إلى قوله : (وَهُمْ صاغِرُونَ) [التوبة : ٢٩] ، وقال ابن كيسان : بعلمه وحكمه فيهم ، حكم لبعضهم بالإسلام ولبعضهم بالقتل والسبي والجزية ، (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا) : تسلفوا (لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ) : طاعة وعمل صالح (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ) [تجدوا ثوابه عند الله](١) ، وقيل : أراد بالخير المال ؛ كقوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) [البقرة : ١٨٠] ، وأراد : من زكاة أو صدقة تجدوه عند الله حتى الثمرة واللقمة مثل أحد (إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
(وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١١١) بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢) وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣))
(وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً) ، أي : يهوديا ، قال الفراء : حذف الياء الزائدة ورجع إلى
__________________
ع [٧٤] ـ غريب جدا. قال الحافظ في «تخريج الكشاف» (١ / ١٧٦) : لم أجده مسندا ، وهو في «تفسير الثعلبي» كذلك بلا سند ولا راو.
__________________
(١) سقط من نسخ المطبوع.