الواحد ؛ كقوله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِ) [البقرة : ٢١٣] ، يعني : الكتب ، والصلاة في اللغة : الدعاء ، قال الله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) [التوبة : ١٠٣] ، أي : ادع لهم ، وفي الشريعة اسم لأفعال مخصوصة من قيام وركوع وسجود وقعود ودعاء وثناء ، وقيل في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) [الأحزاب : ٥٦] الآية ، إن الصلاة من الله في هذه الآية الرحمة ، ومن الملائكة الاستغفار ، ومن المؤمنين الدعاء.
قوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) ، أي : أعطيناهم ، والرزق اسم لكل ما ينتفع به حتى الولد والعبد ، وأصله في اللغة : الحظ والنصيب.
(يُنْفِقُونَ) : يتصدّقون ، قال قتادة : ينفقون في سبيل الله وطاعته ، وأصل الإنفاق : الإخراج عن اليد والملك ، ومنه نفاق السوق ، لأنه يخرج فيه السلعة عن اليد ، ومنه نفقت الدابة : إذا خرجت روحها ، فهذه الآية في المؤمنين من مشركي العرب.
(وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤))
قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ، يعني : القرآن. (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) : من التوراة والإنجيل وسائر الكتب المنزّلة على الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام ، ويترك أبو جعفر وابن كثير وقالون [وأبو عمرو](١) وأهل البصرة ويعقوب كلّ مدّ يقع بين (٢) كلمتين ، والآخرون يمدونها ، وهذه الآية في المؤمنين من أهل الكتاب (٣).
قوله : (وَبِالْآخِرَةِ) ، أي : بالدار الآخرة ، سمّيت الدنيا دنيا : لدنوّها من الآخرة ، وسميّت الآخرة آخرة : لتأخرها وكونها بعد [فناء](٤) الدنيا. (هُمْ يُوقِنُونَ) ، أي : يستيقنون أنها كائنة ، من الإيقان وهو العلم.
وقيل : الإيقان واليقين علم عن استدلال ، ولذلك لا يسمّى الله موقنا ولا علمه يقينا إذ ليس علمه عن استدلال.
(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٧) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٩))
قوله : (أُولئِكَ) ، أي : أهل هذه الصفة ، وأولاء : كلمة معناها الكناية عن جماعة نحو : هم ، والكاف للخطاب ، كما في حرف ذلك. (عَلى هُدىً) ، أي : [على](٥) رشد وبيان وبصيرة. (مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) : الناجون والفائزون فازوا بالجنة ونجوا من النار ، ويكون الفلاح بمعنى البقاء ، أي : الباقون (٦) في النعيم المقيم ، وأصل الفلاح : القطع والشق ، ومنه سمي الزّراع : فلاحا ، لأنه يشق الأرض ، وفي المثل : الحديد بالحديد يفلح [أي : يشق](٧) ، فهم المقطوع لهم بالخير في الدنيا والآخرة.
__________________
(١) سقط من المطبوع.
(٢) زيد في المطبوع «كل».
(٣) في المطبوع «الكتب».
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) سقط من المطبوع.
(٦) في المطبوع «باقون».
(٧) سقط من المخطوط.