واقع المنجزية ، وغاية ما تقولون : إنّ واقع المنجزية غير قابل للجعل الشرعي ، بل هو أمر واقعي عقلي.
وهذا صحيح ، لكن هذا الأمر الواقعي قابل للجعل بالواسطة من قبل الشارع.
وذلك : بإيجاد ملاكه المشار إليه سابقا ، وهو اهتمام المولى وعدم ترخيصه في المخالفة الاحتمالية لغرضه ، وهذا هو منشأ المنجزية ، ومعه ، فهو قابل للجعل بالتبع ، كما وقع في أدلة الأحكام الواقعية ، إذ ، فما أكثر ما أفهمت الحرمة الواقعية بلسان بيان العقاب ، كما في قولهم عليهمالسلام ، «من شرب الخمر فعليه كذا وكذا» ، فالمنجزية قابلة للإيصال ، وذلك بإيصال منشئها إلى المكلف ، فإذا صحّ هذا في الأحكام الواقعية ، صحّ في الأحكام الظاهرية.
وبهذا يتضح ، انّ مسلك جعل الإمارة منجزة من قبل الشارع ، مسلك معقول ، واف بقيام الإمارة مقام القطع الطريقي.
٢ ـ الأمر الثاني : هو أنّه ، بعد أن فرغوا عن استحالة جعل المنجزية للإمارة وأنّه أمر غير معقول ، فرّعوا على ذلك ، بأنّه إذا أريد في دليل الحجيّة إقامة الإمارة وتنزيلها منزلة القطع الطريقي ، فلا يمكن أن يكون ذلك بتنزيل الظن منزلة القطع ، لأنّ تنزيل الظن منزلة القطع ، معناه : إسراء حكم المنزّل عليه إلى المنزّل. وإذا كان حكم المنزّل عليه في القطع الطريقي هو المنجزية ، إذن فتنزيل الظن منزلة معناه : جعل المنجزية ، والمفروض أنّهم قد فرغوا في الأمر الأول عن استحالة جعل المنجزية ابتداء ، إذن فيحكم هنا بأنّ تنزيل الظن منزلة القطع الطريقي مستحيل أيضا لما عرفت ، ومن هنا راحوا يفتشون على أساس آخر يخرّجون عليه قيام الظن والإمارة منزلة القطع الطريقي.