يدرك ويحكم بالملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، فإنّ هذه الملازمة من مدركات وأحكام العقل النظري لا العملي ، وكذلك قد يدرك ويحكم العقل العملي بقبح تكليف العاجز ، ولكن هذا لا يستنبط منه حكم شرعي ما لم يضم إليه عقل نظري يدرك استحالة صدور القبيح من المولى ، إذن ، فالعقل العملي دائما يحتاج إلى ضم عقل نظري في مقام استنباط الحكم الشرعي.
وهذا بخلاف العقل النظري فإنّه لا يحتاج في هذين البابين إلى ضم عقل عملي إليه.
هذه نبذة عن حكم الدليل العقلي في كل من قسمي الدليل العقلي ، والنظري ، والعملي.
وحيث اتضح موضوع هذا البحث وحيثيّاته ، نبدأ في الحديث عن حجيّة الدليل العقلي وعدمها ، فنقول :
إنّ الكلام حول الدليل العقلي يقع في ثلاث مقامات :
لأنّ القصور المدّعى في الدليل العقلي ، إمّا أن يكون بلحاظ عالم الجعل ، وإمّا أن يكون بلحاظ عدم صلاحيته للكشف ، وإمّا أن يكون ـ بعد الفراغ عن عدم القصور في عالم الجعل وفي عدم القصور في صلاحيته الدليل العقلي للكشف ، بلحاظ قصوره في المنجزية والمعذرية ، وانّ الدليل العقلي قاصر عن تنجيز الحكم أو التأمين عنه.
المقام الأول :
هو أن يقال : بأنّ قصور الدليل العقلي نشأ من ضيق في عالم الجعل وأخذ قيدا في الحكم الشرعي من قبل المولى ، وهذا القيد يختل بقيام الدليل ، وقد يصور هذا المعنى بعدّة وجوه نذكرها مع ذكر الخصوصيات الّتي تميّز بعضها عن بعض ومن ثمّ نذكر ما يعقب عليها من تعقيبات عامة.