الجهة السادسة :
حجية الدليل العقلي
بعد الفراغ عن حجيّة القطع في نفسه بلا حاجة إلى جعل جاعل ، وقع البحث بينهم في خصوص القطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة ، أي من الأدلة العقلية ، فذهب فريق من علمائنا إلى إنكار حجيّة الدليل العقلي في مقام استنباط الأحكام الشرعية ، ولتوضيح الحال في تحرير محل النزاع ينبغي إيراد مقدمتين.
١ ـ المقدّمة الأولى : هي أنّ النزاع الواقع في حجيّة الدليل العقلي نزاعان لا ينبغي الخلط بينهما.
أحدهما : النزاع بين الإمامية وغيرهم ، وهو نزاع في الدليل العقلي الظني المبني على الظن كالرأي ، والقياس ، والاستحسان ، وسدّ الذرائع ، والمصالح المرسلة ، وغيرها من الأدلة العقلية الظنيّة الّتي بنى جمهور علماء المسلمين غير الإمامية على العمل بها ، وأجمع علماء الإمامية تبعا لأئمتهم عليهمالسلام على عدم جواز التعويل عليها في أنفسها.
وثانيهما : هو نزاع بين علماء الإمامية أنفسهم ، في جواز استنباط الأحكام الشرعية من الدليل العقلي حتّى ولو كان قطعيا.
وقد ذهب المشهور من علمائنا إلى حجيّة الدليل العقلي القطعي في