ثمّ إنّهم قالوا : بأنّ ظاهر الدليل حين أخذ القطع في الموضوع ، هو أنّه مأخوذ على وجه الطريقية ، كما أنّ مقتضى إطلاق الدليل هو أنّ القطع هو تمام الموضوع ، لا جزؤه ، سواء أصاب الواقع أو أخطأه.
فالمستظهر من هذه الأقسام هو ، القطع الموضوعي الطريقي ، وأنّه تمام الموضوع ، فرفع اليد عن ذلك ، يحتاج إلى قرينة.
وقد وقع الكلام حول ذلك في جهات :
١ ـ الجهة الأولى : في أصل تصوير انقسام القطع الموضوعي إلى صفتي وطريقي :
حيث أشكل على هذا التقسيم فقيل : بأنّ كاشفية القطع لو كانت صفة زائدة في القطع وليست داخلة في أصل قوامه ، من قبيل صفة الثقل في الجسم ، فحينئذ هذا أمر معقول ، فيقال : إنّ القطع تارة يؤخذ في الموضوع بلحاظ هذه الصفة الزائدة القائمة به ، وهي صفة الكاشفية ، وأخرى يؤخذ في الموضوع بقطع النظر عن هذه الصفة الزائدة من قبيل الجسم فقط ، فتارة يؤخذ بلحاظ حيثيّة الثقل ، وأخرى بما هو جسم فقط ، «فهنا تقاس الكاشفية بالثقل».
والخلاصة ، هي انّ القطع الموضوعي لا يؤخذ إلّا بما هو كاشف ، ولا يمكن أخذه بما هو صفة وبقطع النظر عن حيثيّة الكشف ، لأنّ الكاشفية ذاتية للقطع بل هي عين حقيقة القطع ، إذ ليس القطع شيئا زائدا على الكشف كي يمكن أخذه بما هو صفة وبقطع النظر عن كاشفيته لأنّ معنى عدم لحاظها هو أنّه لا يلحظ نفس القطع ، وهذا تهافت.
نعم غايته أنّه تارة يؤخذ بنحو تمام الموضوع للحكم ، وأخرى يؤخذ بنحو جزء الموضوع ، ويكون الواقع جزؤه الآخر.