مدرسة الميرزا «قده» (١) ، من أنّ المجعول في الإمارات إنّما هو الطريقية واعتبار الإمارة علما ، من دون جعل المنجزية والتنزيل والإسراء.
والفرق عندهم بين جعل المنجزية ، وجعل الطريقية ، هو أنّ جعل المنجزية كما يتخيّلون يصادم قاعدة القبح ، حيث معها لا يوجد بيان ، بينما على مسلك جعل الطريقيّة كما يتخيّلون لا يردّ الإشكال ، لأنّ المنزل فيها يصبح علما ، فيكون بيانا ، فيرتفع بذلك موضوع قاعدة القبح ، فالإمارة تكون منجزة للواقع بجعل الطريقية والكاشفية ، لا بالمنجزية لها ابتداء ، بل بجعل الطريقية يترتب عليه المنجزية ، ولهذا حوّلوا تنزيل الظن منزلة القطع إلى اعتبار الظن قطعا ، وأنّ العملية ليست عملية تنزيل ، وإلّا لكان مرجعه إلى إسراء حكمه له ، وحكم العلم هو المنجزية ، فيلزم جعل المنجزية ، وهو غير معقول.
وإنّما العملية هي عملية اعتبار الظن علما ، إذ بمجرد اعتباره علما يرتفع موضوع قاعدة القبح ، وحينئذ ، كأنّهم بهذا تخلّصوا من الإشكال.
وقد اتضح بما ذكرناه سابقا انّ هذا المسلك غير تام ، لأنّ لسان «جعلت الظن علما» لا ينفع شيئا حتّى يتميز عن بقية الألسنة ، لأنّ هذا اللّسان إن كان يكشف كشفا عرفيا عن درجة اهتمام المولى بالواقع المشكوك ، إذن فهذا هو وحده ملاك رفع موضوع قاعدة القبح ، سواء أنشئ بعنوان العلم ، أو عنوان التنجيز أو أيّ شيء آخر ، وإن فرض انّ هذا اللّسان لم يكشف عن ذلك ، بل علمنا أنّ المولى حينما قال «جعلت الظن علما» من دون أن يكون هذا الجعل ناشئا من شدّة اهتمامه ، بل مجرد اعتبار فقط لرؤيا قد رآها في منامه ، فمثل هذا الاعتبار ، وجوده وعدمه سواء.
إذن فمسلك جعل الطريقية لا يتميّز عن بقيّة المسالك بأية ميزة
__________________
(١) فوائد الأصول : الكاظمي ، ج ٢ طبعة حديثة ، ص ١٠٨.