علمه بتلك القضية المجعولة لا العلم بفعليتها في حقّه ، ولا العلم بانطباقها عليه ، وتلك القضية قضية واحدة وليست أمرا إضافيا ، وإنّما العلم بالانطباق فرع العلم بالصغرى أيضا ، وهو العلم بتحقّق تمام قيود موضوع تلك القضية خارجا في حقّ المكلّف ، وهو الّذي يستحيل أخذه في فعليّة الحكم ، وهذا مطلب واضح الصحة والإمكان عقلا وعقلائيا.
وهذا التخريج لا يفرق فيه بين القول بأنّ المجعول له وجود حقيقي وراء الجعل ، أو أنّه له وجود توهمي وراء الجعل كما هو الصحيح وتقدّم في بحث المطلق والمشروط ، فحينما توجد الاستطاعة يحدث شيء حقيقة اسمه المجعول ، أو انّ هذا مجرد توهم ، فعلى كلّ حال ، ما دام هناك أمران تحليلا ، هما الجعل والمجعول ، فهذه الصيغة معقولة في المقام لرفع الإشكالات المتقدّمة ، ويترتب على هذا أثران ، أحدهما : ما تقدّم من تصحيح التصويب في المورد الّذي يقوم الدليل عليه ، والثاني : هو إمكان نفي احتمال دخالة العلم بالحكم في الغرض والملاك من الحكم ، حيث أنّه يكون التقييد به ممكنا فيكون التمسك بالإطلاق في الخطاب لنفي إطلاق الغرض والملاك ممكنا أيضا خلافا لما إذا قيل باستحالة التقييد به فلا يمكن التمسك بالإطلاق للكشف عن إطلاق الغرض والملاك بلحاظ هذا القيد الّذي هو من القيود الثانوية.
٢ ـ الوجه الثاني : هو أن يؤخذ العلم بالإبراز في موضوع الحكم ، فإنّه لا إشكال في أنّ إبراز الحكم غير نفس الحكم ، إذ أنّ الإبراز عبارة عن خطاب المولى الّذي يدلّ على جعل الحكم في نفس المولى ، فهو من مقولة الخطاب والكلام ، والحكم من مقولة مدلول الخطاب ، وحينئذ ، لا مانع من أن يجعل أحد قيود الحكم ، وصول نفس الإبراز ونفس الخطاب ، فمثلا يقول : «من يصل إليه كلامي هذا يجب عليه أن يحجّ» فيكون وجوب الحج مقيدا بإبراز هذه القضية الشرطية ، فإنّ إبراز