أمرت بها.
وقال جعفر الصادق في قوله : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) : افتقر إلى الله بصحة العزم.
قال الشيخ أبو عبد الرحمن : سمعت أبا عليّ الشوني يقول : رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم في المنام ، فقلت له : روي عنك أنك قلت : «شيبتني هود» (١) ، فقال : نعم ، فقلت له : ما الذي شيبك منه قصص الأنبياء وهلاك الأمم؟ فقال : لا ، ولكن قوله : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ).
وقال جعفر الصادق : منهم من استقام على توحيده ، ومنهم من استقام على إيمانه ، ومنهم من استقام على إسلامه ، ومنهم من استقام على معرفته ، ومنهم من استقام على عظمته ، ومنهم من استقام على الحمد والثناء ، ومنهم من استقام على الكرم والوفاء ، ومنهم من استقام على الخوف والرجاء ، ومنهم من استقام بالله لا شيء سواه.
وقال بعضهم : من استقام بالحق لا يعوج ، ومن استقام بباطل فهو غير مستقيم ؛ لأن الاستقامة لا تكون إلا بالحقيقة.
وقال بعضهم : الاستقامة لا تكون إلا باتباع السنة.
وقال الجريري : الاستقامة في النعمة للعوام ، والاستقامة في البلاء استقامة للخواص.
وقال الجنيد : الاستقامة مع الخوف والرجاء حال العابدين ، والاستقامة مع الهيبة والحياء حال المقربين ، والاستقامة مع الغيبة عن رؤية الاستقامة حال العارفين.
وقال الأستاذ : يحتمل أن تكون السنن في الاستقامة سنن الطلب ، أي : سل من الله الإقامة على الحق.
ويقال المستقيم : من لا ينصرف عن طريق الله ما لم يصل إلى الله يصل سيره بسراه.
قوله تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) أي : لا تقتدوا بالمرائين والجاهلين وقرناء السوء ، فتمسكم نيران البعد ، وحب الجاه والرياسة ، وتلحقكم نار البدعة والضلالة.
وأيضا : لا تسكنوا إلى نفوسكم المظلمة بجهلها حقوق الله سبحانه.
قال الكتّاني : من لم يتأدب لحكيم أو إمام يكون بطّالا أبدا ، قال الله : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ).
وقال سهل : لا تعتمدوا في دينكم إلا السني.
وقال حمدون القصّار : لا تصاحب الأشرار ؛ فإن ذلك يحرمكم الأخيار.
__________________
(١) تقدم تخريجه.