وأخص من ذلك الوقوف على بعض سر القدر قبل وقوع واقعته ، وأخص من ذلك علم الأسماء والنعوت الخاصة ، وأخص من ذلك علم الصفات ، وأخص من ذلك علم الذات ، وعلم المتشابه خاص في العلم المجهول فكل ما يتعلق هذه العلوم يكون بالمكاشفات ، وظهور المغيبات وعلم القدم الذي هو وصف الحق تعالى من علم الربوبية يتعلق بالإلهام الخاص ، وسماع كلام القديم بغير الواسطة ، وفوق ذلك ما استأثر الحق لنفسه خاصة ، وليس للخلق إليه سبيل بحال.
قال ذو النون : العلم اللدني هو الذي محكم على الخلق بمواقع التوفيق والخذلان.
قال ابن عطاء : علم بلا واسطة للكشوف ، ولا بتلقين الحروف لكنه الملقى إليه بمشاهدة الأرواح.
قال الحسين : العلم اللدني إلهام أخلد الحق الأسرار فلم يملكها انصراف.
وقال القاسم : علم الاستنباط بكلفة ووسائط ، وعلم اللدني بلا كلفة ولا وسائط.
وقال الجنيد : العلم اللدني ما كان محكما على الأسرار من غير ظرفية ولا خلاف واقع ؛ لكنه مكاشفات الأنوار عن مكنون المغيبات ، وذلك يقع للعبد إذا زم جوارحه عن جميع المخالفات ، وأفنى حركاته عن كل الإرادات ، وكان شجا بين يدي الحق ؛ بلا تمن ولا مراد.
قال سهل : الإلهام ينوب عن الوحي كما قال الله : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) [النحل : ٦٨](وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) [القصص : ٧] وكلاهما إلهام.
وقال الأستاذ : إذا سمى الله إنسانا بأنه عبده جعله من جملة الخواص ، فإذا قال : عبدي جعله من خواص الخواص.
وقال العلم اللدني : ما يحصل من طريق الإلهام دون التكلف بالطلب ، ويقال : ما يعرف به الحق أولياءه مما فيه صلاح عباده.
(قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١) قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٢) قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤) قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ