وقد اختلف العلماء : هل سهم المؤلفة قلوبهم باق بعد ظهور الإسلام أم لا؟
فقال عمر والحسن والشعبي : قد انقطع هذا الصنف بعزة الإسلام وظهوره. وهذا مشهور من مذهب مالك وأصحاب الرأي. وقد ادعى بعض الحنفية أن الصحابة أجمعت على ذلك.
وقال جماعة من العلماء : سهمهم باق ؛ لأن الإمام ربما احتاج أن يتألف على الإسلام ، وإنما قطعهم عمر لما رأى من إعزاز الدين ، وبه أفتى الماوردي في كتابه «الأحكام السلطانية» (١) ، قال يونس : سألت الزهري عنهم؟ فقال : لا أعلم نسخ ذلك.
وعلى القول الأول يرجع سهمهم لسائر الأصناف.
(وَفِي الرِّقابِ) : أي في فكها بأن يشتري رقابا ثم يعتقها ، روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر ، وبه قال مالك وابن حنبل وإسحاق وأبو عبيد.
وقال الحسن البصري ومقاتل بن حيان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير والنخعي والزهري وابن زيد : إنهم المكاتبون يعانون من الصدقة على مال الكتابة ، وهو قول الشافعي (٢) وأصحاب الرأي (٣) ورواية عن مالك (٤). والأولى حمل ما في الآية على القولين جميعا ، لصدق الرقاب على شراء العبد وإعتاقه ، وعلى إعانة المكاتب على مال الكتابة.
(وَالْغارِمِينَ) : هم الذين ركبتهم الديون ولا وفاء عندهم بها ، ولا خلاف في ذلك إلا من لزمه دين في سفاهة ؛ فإنه لا يعطى منها ولا من غيرها إلا أن يتوب. وقد أعان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الصدقة من تحمل حمالة وأرشد إلى إعانته منها (٥).
(وَفِي سَبِيلِ اللهِ) : هم الغزاة والمرابطون يعطون من الصدقة ما ينفقون في غزوهم ومرابطتهم ، وإن كانوا أغنياء. وهذا قول أكثر العلماء. قال ابن عمر : هم
__________________
(١) انظره في : (ص ١٥٧) ، ورحمة الأمة (ص ٨٥).
(٢) انظر : كفاية الأخيار (ص ١٩٢) ، تهذيب الأحكام الشرعية في فقه الشافعية لشيخنا كمال العناني (٣٠٣).
(٣) انظر : الروضة الندية (١ / ٢٠٤) ، ورحمة الأمة (ص ٨٥).
(٤) انظر : جامع ابن الحاجب (ص ١٦٥).
(٥) انظر : شرح العبادات للكلوذاني (ص ١٩٧) ، وجامع ابن الحاجب (ص ١٦٥) ، وكفاية الأخيار (ص ١٩٣) ، الروضة الندية (١ / ٢٠٤).