شاء عفا ، وإن شاء أخذ الدية (١).
(فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) : أي لا يجاوز ما أباحه الله له ، فيقتل بالواحد الاثنين أو الجماعة ، أو يمثّل بالقاتل أو يعذبه.
(إِنَّهُ) ، أي الولي.
(كانَ مَنْصُوراً (٣٣)) أي مؤيدا معانا ، فإن الله سبحانه نصره بإثبات القصاص له بما أبرزه من الحجج وأوضحه من الأدلة ، وأمر أهل الولايات فبمعونته والقيام بحقه حتى يستوفيه (٢).
وقيل : هذه الآية من أول ما نزل من القرآن في شأن القتل ؛ لأنها مكيّة.
[الآية الثالثة]
(وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (٣٦)).
(وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) : أي تتبع ما لا تعلم ، من قولك : قفوت فلانا إذا اتبعت أثره. ومنه قافية الشعر لأنها تقفو كل بيت ، ومنه القبيلة المشهورة بالقافة لأنهم
__________________
(١) قال أبو جعفر : اختلف المتقدمون من العلماء في «السلطان» الذي جعل للوليّ؟
فروى خصيف عن مجاهد قال : حجّته التي جعلت له ، أن يقتل قاتله.
وذهب جماعة من العلماء إلى أن هذا هو السلطان الذي جعل له ، وأنه ليس له أن يأخذ الدّية ، إلا أن يشاء القاتل.
وقال الضحاك في السلطان الذي جعل له : إن شاء قتل ، وإن شاء أخذ الدّية ، وإن شاء عفا.
والقول عند أهل المدينة وأهل الكوفة ، قول مجاهد : إن السلطان هاهنا القود خاصّة ، لا ما سواه.
وذهب الشافعي رحمهالله إلى قول الضحاك ، غير أنه قال : كان يستحق إذا عفا أخذ الدّية ، اشترط ذلك أو لم يشترطه ، والحجّة له.
وانظر : معاني القرآن (٣ / ١٤٩) ، وجامع الطبري (١٥ / ٨١) ، وتفسير القرطبي (١٠ / ٢٥٥) ، وزاد المسير (٥ / ٣٢) ، وقد رجّح ابن جرير قول الضحاك وهو أيضا قول ابن عباس فقال : «وأولى التأويلين بالصواب ما قاله ابن عباس أن لوليّ القتيل ، القتل إن شاء أخذ الدية ، وإن شاء العفو ، لصحة الخبر بذلك عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) أورد الطبري آثارا في تفسير هذه الآية عن عبد الله بن كثير عن مجاهد وأبي بن كعب وغيرهم ، وانظره : (١٥ / ٨٣) ، والسيوطي في الدر المنثور (٤ / ١٨١).