القوّة بالأفكار المعدّة لذلك وهذا المذهب هو المحكي عن الأكثر بل قال صاحب المجلي (١) انّ الاتّفاق واقع على انطباع صور المعقولات في القوّة العاقلة على هيئة انطباع الصور المرئيّة في المرآة المحسوسة إلّا أنّ ما ينطبع في القوة العاقلة أقوى وأتمّ وأشمل لأنّه لا يزول عنها ولوصولها بذلك الانطباع الى معرفة ذاتياته وعوارضه اللّازمة والفارقة وكون المنطبع فيها صور المرئيّات وغيرها من المحسوسات بالحواسّ الخمس والمعقولات الّتي لها في الخارج ما يطابقها المسماّة بالمعقولات الأولى بل وما لا يكون كذلك من المعقولات الثانية (٢) بل والمعدومات والممتنعات ، بخلاف المرآة الحسّيّة ، ثم بعد دعوى الاتّفاق حرّر نزاعا آخر قال : وحينئذ يكون هناك ثلاثة أمور : نفس الصورة وقبول النفس لها بالانفعال ، والنسبة الحاصلة بينهما من جهة الحال والمحلّ أعني الاتّصاف : فاسم العلم هل هو موضوع لنفس الصورة أو لذلك القبول والانفعال أو لتلك النسبة ومجرّد الاتّصاف.
ثمّ حكى الأوّل عن محقّقي الفلاسفة وأكثر المنطقيّين والمتكلّمين حيث جعلوه نفس الصورة وان تكلّموا في كيفيّة كون الصورة الشخصيّة القائمة بالقوّة العاقلة متعلّقة بالمعقولات الكلّية مع كونها جزئيّة متشخّصة.
والثاني عن شذوذ من الحكماء حيث جعلوه نفس ذلك الانفعال ، ولذا قالوا :
__________________
(١) المجلي مرآت المنجي كتاب كلامي في أصول الإعتقاد بطريق العرفان تأليف ابن أبي جمهور الأحسائي شمس الدين محمّد بن زين الدين علي بن الفقهاء والمتكلمين والعرفاء والمحدّثين ، ولد في الأحساء وتعلم من علمائها الفنون الأدبية والعلوم الرسميّة ثمّ ارتحل الى النجف واشتغل بكسب الفضائل. وفي العاقبة أقام في المشهد المقدّس الرضوي وناظر مع أكبر علماء الهرات وغلبه والمناظرة مطبوعة في آخر كتاب نامه دانشوران ج ١ ص ٧٣٣.
(٢) ص ١٤ في المعقول الثاني اصطلاحان .. الى آخره ج ذكر في ذيل الصفحة.