في استرجاعها إلى مثل السبب الأوّل.
الخامس : أنّ الخارجيّة قد تكون محسوسة بالحواسّ الظّاهرة بخلاف العقليّة.
السادس : أنّ العقليّة كليّة بخلاف الخارجيّة.
أقول : ومن جميع ما مرّ يظهر الجواب عن الرابع أيضا ولذا قال ابن سينا (١) وغيره ممّن اقتفى أثره : أنّ الجوهر والعرض متباينان في الوجود الخارجي ، وأمّا في الوجود العلمي فالجوهر الموجود في النفس جوهر وعرض معا لأنّ معنى الجوهر ما يكون وجوده الخارجي لا في موضوع ، وهذا لا ينافي كون وجوده الذهني في موضوع ، وهذا لا ينافي كون وجوده الذهني في موضوع هو الذهن ، ثمّ لا يخفى أنّ الجواب المذكور بل أصل التعريف مبنيّ على أحد الأقوال في كيفيّة الإدراك وهو انطباع صورة المعلومات في النّفس فإنّ القوّة العاقلة كالمرآة المصقولة فمتى حصل بينها وبين المعقولات مقابلة انطبعت صورها فيها فيحصل إدراكها بواسطة استعداد
__________________
(١) ابن سيناء هو الحسين بن عبد الله بن سيناء الفيلسوف الرئيس صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات والإلهيات ، أصله من بلخ ومولده في إحدى قرى بخارى ، نشأ وتعلم في بخارى وطاف البلاد وناظر العلماء ، وتقلد الوزارة في همدان ، وثار عليه عسكرها ونهبوا بيته فتوارى ثم صار الى اصفهان وصنف بها أكثر كتبه وعاد في أواخر أيامه إلى همذان فمرض في الطريق ومات سنة ٤٤٧ ق. ودفن في همذان وعلى لوح قبره بيتان فيهما تاريخ ميلاده ووفاته وعمره بالفارسية :
حجة الحق أبو علي سينا |
|
در شجع آمد از عدم بوجود |
در شصا كرد كسب جمله علوم |
|
در تكز كرد از اين جهان بدرود |