واعلم أنّ ما ذكرناه هو حدّ هذا العلم من حيث العلميّة ، وأمّا من حيث الإضافة فالعلم قد مرّ بعض الكلام فيه ، وستسمع البحث عن معنى التفسير في الباب السادس إن شاء الله.
ثمّ أنّه قد ظهر من جميع ما مرّ أنّ موضوع هذا العلم الكتاب الّذي هو منبع كلّ حكمة ومعدن كلّ فضيلة (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١) وغايته التوصّل إلى فهم معاني كتاب الله تعالى بنيل الحقائق العلمية والمقاصد العملّية للفوز بسعادة الدارين وكمال النشأتين ، وقد تقرّر في محلّه أنّ شرف العلم وجلالته إنّما هو باعتبار شرف موضوعه وغايته والمقاصد ، ومن البيّن أنّ الموضوع والغاية في هذا العلم أشرف منهما في غيره فيكون أشرف العلوم وأعظمها على الإطلاق. أمّا شرف موضوعه فلأنّه هو الثقل الأكبر الذي قرنه رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بعترته المعصومين (صلّى الله عليهم أجمعين) وقال : (إنّهما لن يفترقا أبدا حتى يردا عليّ الحوض (٢) بل قد سمّاه بالثقل الأكبر والأعظم والعترة بالثقل الأصغر ، وقال (صلىاللهعليهوآلهوسلم): إنّه هو النور المبين والحبل المتين ، والعروة الوثقى ، والدرجة العليا. والشفاء الأشفى ، والفضيلة الكبرى ، والسعادة العظمى (٣).
وأمّا شرف غايته فواضح بعد ما ورد : أنّه هدى من الضلالة ، وتبيان من
__________________
(١) سورة يوسف : ١١١.
(٢) رواه غير واحد من الفريقين كابن سعد في الطبقات ج ٢ ص ١٩٤ والطبراني في المعجم الصغير ص ٧٣ والسيوطي في الدر المنثور ج ٢ ص ٦٠ والعسقلاني في المواهب اللدنية ج ٧ ص ٧ والمتقي الهندي في كنز العمال ج ١ ص ٣٤٢ وغيرهم كما فصّل في احقاق الحق ج ٩ من صفحة ٣٠٩ الى ص ٣٧٥.
(٣) تفسير الإمام ص ٢٠٣.