بذلك ، وغير ذلك من الأمور التي لا تتمشّى إلّا على أحوالهم الظاهرة.
والقرآن مشحون في حقّ النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بمثل ذلك مثل قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ) (١) وقوله تعالى : (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) (٢) وفي كلّ هذه الأحوال هم الثقل الأصغر ، وأمّا كون القرآن علمهم والعالم أعلى رتبة من العلم فذلك في مرتبتهم الأولى. انتهى كلامه.
وهو وإن أجاد في كثير ممّا أفاد إلّا أنّه لم يأت بتمام المراد ، إذ كما أنّ لهم (عليهمالسلام) مراتب مترتبة منزلة فكذلك للقرآن الموصوف بالتنزيل أيضا حسبما مرّت إليه الإشارة وطريق المقايسة بين الشيئين إنّما هو مع الإغماض عن المراتب في البين أو مع ملاحظتها من الجانبين على أنّ ذلك لو كان هو الوجه في تفضيله عليهم لكان مفضّلا على رسول الله أيضا وهو كما ترى ولعلّه يلتزم به كما يستفاد من أواخر كلامه.
وعلى كلّ حال فالذي يختلج بالبال في حلّ الإشكال هو أنّك قد سمعت فيما أشرنا اليه أنّ كتاب كلّ من الأنبياء إنّما هو مساوق لرتبة وجوده ومقام شهوده إلّا أنّ الاختلاف من جهة التكوين والتدوين ، ولذا كان هذا الكتاب مهيمنا على جميع الكتب كما أنّ نبيّنا (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كان مهيمنا على جميع الأنبياء ، وحيث إنّهم عليهمالسلام كانوا أنزل منه رتبة في عالم التكوين بثمانين ألف سنة حسبما سمعت في الخبر المتقدّم لا جرم كانوا أصغر منه ، وممّا ساوق وجوده وهو كتابه التدويني فالكبر والصغر انّما لوحظا بالنظر الى مقامه (عليهالسلام) ومقامهم (عليهم
__________________
(١) الكهف : ١١٠.
(٢) الأعراف : ١٨٨.