ظواهره بعضا أو كلّا وأمّا بواطنه المشتملة على جميع الحقائق والمعارف والشرائع والأحكام والحلال والحرام وغير ذلك ممّا كان أو يكون الى يوم القيامة فجميع النّاس محجوبون عن نيله وإدراكه ومعرفته إلّا أنّ رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) قد أودع علم ذلك كلّه عند عترته الأئمّة الطّاهرين وجعلهم الحجج على الخلق أجمعين فاقترانهم معه كاقتران الناطق مع الصامت ، والمفسّر مع الكتاب ، والشواهد على ما ذكره من أخبار الفريقين كثيرة جدّا يأتي الى بعضها الإشارة في الأبواب الآتية ، ومن البيّن أنّ الناطق لو لم يكن قوله بانفراده حجّة لم يصلح جعله مفسّرا ومترجما للصامت.
ففي الخبر شهادة على علمهم بجميع معاني الكتاب ووجوهه وعدم انحرافهم عنه أصلا عن عمد وضلالة ، ولا عن خطأ وجهالة فكلّ من أخذ بقول العترة فقد أخذ بالكتاب لأنّهما لا يفترقان وقد قال (عليهالسلام): إن أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي ، بل في بعض الأخبار المتقدّمة أنّه قد نبّأني اللّطيف الخبير أن لا يتفرقا حتى يلقياني ، وسئلت الله تعالى لهما ذلك فأعطانيه فلا تسبقوهم ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلّموهم فهم أعلم منكم (١).
وتوهّم أنّهما إذا كانا لا يفترقان فالمتمسّك بالكتاب متمسّك بقول العترة أيضا فما الحاجة الى العترة بعد وجود الكتاب مدفوع بأنّ الكتاب مشتمل على البطون والظواهر ، وظاهره أيضا مشتمل على المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والعامّ والخاصّ والمطلق والمقيّد والمجمل والمبيّن ولا يعلم بحقيقة علمه إلّا النبيّ والأئمّة الطّاهرون صلّى الله عليهم أجمعين.
__________________
(١) تفسير العياشي ج ١ ص ٤ وإثبات الهداة ج ٣ ص ٥٣٩.