ومن هنا أخطأ من قال في قوله : حسبنا كتاب الله حيث نسبت النبيّ (صلىاللهعليهوآلهوسلم) الى الهجر والهذيان ، ومنعه من أن يكتب الوصيّة لأمّته.
وأمّا ما ذكره بعض أهل الخلاف في المقام من أنّ هذا الخبر إنّما يدل على أنّ إجماع العترة لا يكون إلّا حقا لأنّه لا يخلو من أن يريد (عليهالسلام) به جملتهم أو كلّ واحد منهم ، وقد علمنا أنّه لا يجوز أن يريد (عليهالسلام) بذلك إلّا جملتهم ولا يجوز أن يريد كلّ واحد منهم ، لأنّ الكلام يقتضي الجميع ، ولأنّ الخلاف قد يقع بينهم على ما علمناه من حالهم ، ولا يجوز أن يكون قول كلّ واحد منهم حقّا لأنّ الحق لا يكون في الشيء ضدّه ، وقد ثبت اختلافهم فيما هذا حاله ولا يجوز أن يقال : إنّهم مع الاختلاف لا يفارقون الكتاب ، وذلك يبيّن أنّ المراد به أنّ ما أجمعوا عليه يكون حقّا حتّى يصحّ قوله : لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، وذلك يمنع من أنّ المراد بالخبر الإمامة لأنّ الإمامة لا تصحّ في جميعهم ، وإنّما يختصّ بها الواحد منهم ، وقد بيّنا أنّ المقصد بالخبر ما يرجع الى جميعهم ويبيّن ما قلناه أنّ أحدا ممّن خالفنا في هذا الباب لا يقول في كلّ واحد من العترة إنّه بهذه الصفة ، فلا بدّ أن يتركوا الظاهر الى أمر آخر يعلم به أنّ المراد بعض من بعض ، وذلك الأمر لا يكون إلّا ببيّنة ، وليس لهم أن يقولوا : إذا دلّ على ثبوت العصمة فيهم ولا تصحّ إلّا في أمير المؤمنين (عليهالسلام) ثمّ في واحد واحد من الأئمّة فيجب أن يكون هو المراد ، وذلك لأنّ لقائل أن يقول : إنّ المراد عصمتهم فيما اتّفقوا عليه ولا يكون ذلك أليق بالظاهر وبعد ، فالواجب حمل الكلام على ما يصحّ أن يوافق العترة فيه الكتاب ، وقد علمنا أنّ في كتاب الله تعالى دلالة على الأمور فيجب أن يحمل قوله (عليهالسلام) في العترة على ما يقتضي كونه دلالة وذلك لا يصحّ إلّا بأن يقال : إنّ إجماعها حقّ ودليل وأمّا طريقة الإماميّة فمباينة لهذا الفصل والمقصد.