قانون السماء لهداية الأرض ، وملاذ الّذين الأعلى يستند الإسلام إليه في عقائده وعباداته وحكمه واحكامه وآدابه وأخلاقه وقصصه ومواعظه وعلومه ومعارفه. وهو عماد لغة العرب الأسمى ، تدين له الّلغة في بقائها وسلامتها ، وتفوق سائر الّلغات العالميّة به في اساليبها ومادّتها لذلك كان القرآن موضع العناية الكبرى من النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآله ، وصحابته ومن سلف الأمّة وخلفها جميعا إلى عصرنا هذا.
وقد اتخذت هذه العناية أشكالا مختلفة ، فتارة ترجع إلى لفظه وأدائه ، واخرى إلى أسلوبه وإعجازه ، وثالثة إلى كتابته ورسمه ، ورابعة إلى تفسيره وشرحه إلى غير ذلك وقد أفرد العلماء كل ناحية من هذه النواحي بالبحث والتأليف ، ووضعوا من أجلها العلوم ، ودوّنوا الكتب ، وصنّفوا في كلّ علم يخدم القرآن أو يستند إليه مثل علم التفسير ، وعلم القراءات ، وعلم قصص القرآن ، وعلم إعجاز القرآن ، وعلم غريب القرآن ، وعلم الناسخ والمنسوخ ، وعلم متشابهات القرآن ، وعلوم اخرى كثيرة حتى نقل عن أبي بكر بن العربي (١) في قانونه التأويل كما حكى السيوطي (٢) وصاحب مناهل العرفان أنّه قال :
علوم القرآن ٧٧٤٥٠ علم ، على عدد كلم القرآن.
ومن أجلّ هذه العلوم علم التفسير ، وذلك لأنّ رقاء الأفراد والأشخاص
__________________
(١) محمد بن على بن المعروف بابن العربي الطائي الاندلسي الفيلسوف المتكلم ولد سنة (٥٦٠) وتوفى بدمشق سنة (٦٣٨) ه ـ الاعلام ج ٧ / ١٧٠ ـ
(٢) هو عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين السيوطي الحافظ المؤرخ الأديب ولد سنة (٨٤٩) ه وتوفي سنة (٩١١) ه ـ الاعلام ج ٤ / ٧١ ـ