صوم يوم عاشوراء كان معروفا عند قريش قبل الإسلام ، وأن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» كان يصومه (١) وكذلك هناك أحاديث كثيرة تحث على صوم يوم عاشورا (٢). أي أنه فرض بالسّنّة لا بالقرآن.
ومن الثابت ما تقرره الأحاديث النبوية أن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» عند ما هاجر إلى المدينة وجد يهودا صائمين ؛ فسألهم عن صومهم ، فأخبروه أن هذا يوم نجّى فيه الله تعالى موسى ، وقومه من فرعون. فأمر الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» صحابته بصيامه ، وقال : نحن أولى بموسى منهم. وبقي صوم عاشوراء فرضا يوما واحدا بالسّنّة في السّنة إلى أن نسخه القرآن بصيام شهر رمضان مرة واحدة في السنة ، فأصبح صيام عاشوراء نفلا فمن شاء صامه ، ومن شاء أفطره ـ وكما ورد في حديث أم المؤمنين عائشة «رضي الله عنها» : أخرج البخاري ، ومسلم عنها قالت : «كان عاشوراء صياما فلما أنزل رمضان كان من شاء صام ، ومن شاء أفطر». وأخرج الإمام البخاري عن ابن عمر «رضي الله عنهما» قال : «صام النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» عاشوراء ، وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ، ترك».
وقد ورد في تفسير الإمام الطبري لآية الصوم ما يفيد أن المسلمين كان عليهم أن يصوموا عاشوراء مرة واحدة في السّنة ؛ وأن يصوموا ثلاثة أيام من كل شهر صيام وجوب فرضا بالسّنّة ؛ ولما نزلت آية الصيام في سورة البقرة نسخت ما عداها من صوم ، وأصبح صيام عاشوراء ، والثلاثة أيام من كل شهر مندوبا ، وليس فرضا.
ثانيا : وبالنسبة لتحويل القبلة : فقد حصل فعلا. فقد صلى «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، وصحابته نحو بيت المقدس حوالي ستة عشر شهرا ؛ كان الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أثناءها يقلب وجهه في السماء راجيا الله أن تحوّل له القبلة إلى البيت الحرام بمكة. وهو تغيير اقتضته الحكمة الربانية في التكليف ؛
__________________
(١) البخاري ـ صحيح البخاري ـ الكتاب الأول. باب الصوم. ومسلم. صحيح مسلم. باب ١٩.
(٢) مسلم. صحيح مسلم. باب ٣٦.