القلوب على المسلمين ، لا يجدون مدخلا يدخلونه للطعن في القرآن والهدم في جدار الإيمان إلّا دخلوه. جعلوا من الكفر منطلقا لهم ، ومن التقوّل على القرآن سلاحا لهم ؛ ومن الشرك هدفا لهم ، ومن التثليث مخلصا لهم ، ومن الإلحاد هداية لهم ، وهم بذلك نصبوا من أنفسهم حماة لجاهليتهم ، وحراسا لرفاهيتهم ؛ وهم بذلك أطلقوا عنان شهواتهم ، ورذائل أخلاقياتهم ؛ وهم بذلك داسوا على كل فضيلة ، وأشبعوا كلّ غريزة ، وأحلوا كل حرام ، وحرموا كل حلال. وهم بذلك أشهروا أسلحة حقدهم ، وصوبوا وسائل قتلهم ، ونفثوا سموم عداوتهم اتجاه كل من حال دونهم ، ودون رذائلهم ، وحتى لو كان إلهيا ، حتى ولو كان سماويا ما دام ذلك جاء هاديا لهم. فتطاولوا على رمز الإسلام ، دستور السماء في الإيمان ، ولم يرقبوا فيه إلّا ولا ذمة ، ولم يرعوا له حقائق سمات إعجازه ، ولم يقدروا فضائله ، ولم يعقلوا علومه ، ومفرداته ، ولم يتدبروا سوره ، وآياته ، ولم يعوا موضوعاته ، وعامه وخاصه ، ومحكمه ومتشابهه ومطلقه ومقيده ، ومجمله ومبينه ، ومنطوقه ومفهومه ، ووجوه مخاطباته ، وتقديمه وتأخيره وأمثاله ، وأقسامه ، وجدله ، ومجازه ، واستعاراته ، وتمثيله ، وكناياته ، ومبهماته ، وأسمائه ، وكناته ، وألقابه ، وناسخه ومنسوخه ، وآياته ، وبياناته ، وبلاغته ، وفصاحته.
هكذا تعامت عيون الكفر عن سماته في إعجازه ، فلم تر في القرآن العظيم إلا قيدا على شهواتهم ، وحدا لرفاهياتهم ، ومنعا لتجاوزاتهم ، فكالوا له الشتائم ، والسباب ، وأحاطوه بالشبهات ، وهم لم ، ولن يستطيعوا كسر حصون مناعته ، أو هدم أسوار حقائقه في هدايته حتى لمن عادوه من البشر ، وقد نقلهم من الظلمات إلى النور ، ومن الضلال إلى الهداية ، ومن الشرك إلى التوحيد ، ومن الكفر إلى الإيمان ، ومن اليهودية إلى الإسلام ، ومن الصليبية في التثليث إلى الوحدانية في الألوهية ، ومن الوثنية في البرهمية إلى الوحدانية في الربوبية ، ومن البوذية في عبادة الأصنام إلى التوحيد في عبادة الله. هذا القرآن العظيم دستور المحبة في الائتلاف ، والمودّة في التعاون ، والرحمة في التكافل غيّبه دعاة الكفر من