رسول ، ونبي معا. ثم قال : فكيف يسوغ للجهّال المغفلين أن يقولوا : إنّه «عليه الصلاة والسلام» كان يجيز أن يوضع في القرآن الكريم مكان عزيز حكيم غفور رحيم أو سميع عليم ، وهو يمنع ذلك في دعاء ليس قرآنا ؛ والله يقول مخبرا عن نبيه «صلىاللهعليهوآلهوسلم» (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) ولا تبديل أكثر من وضع كلمة مكان أخرى (١).
رابعا : وأما بالنسبة للرواية المنسوبة إلى ابن مسعود من أنه أقرأ الرجل بكلمة «الفاجر» بدلا من كلمة (الْأَثِيمِ) في قوله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ) فتفسيرها : أن ابن مسعود سمع الروايتين عن رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ولما سمع الرجل لا يستطيع النطق بالقراءة الأولى ، أشار إليه أن يقرأ ثانية ، وكلاهما منزل من عند الله تعالى. وإلا ، وحاشا أن يبدل صحابي مثل عبد الله بن مسعود ، وهو أحفظ الناس للقرآن ، وأكثرهم تلاوة له ، وأعلمهم بنزوله أن يبدله ، أو يبدل لفظا مكان لفظ.
الشبهة الثالثة :
إن نزول القرآن على سبعة أحرف يتنافى مع ما هو مقرر ، ومعروف من أن القرآن نزل بلغة واحدة هي لغة قريش. فمن المتفق عليه أن القرآن نزل على حرف واحد هو لغة ، ولسان قريش ، ولذلك فإن ما جاءت به الأحاديث من أنه نزل على سبعة أحرف يتنافى ، ويتناقض مع القول السابق. وبذلك ، وبتعدد الأحرف والألسنة التي نزل عليها القرآن تنتفي وحدة الأمة الإسلامية بسبب عدم تلاوتها للقرآن بلسان واحد.
تفنيد هذه الشبهة :
أولا : إنّه من الخطأ الفاحش تفسير أو حصر معنى الحرف بأنه
__________________
(١) الزرقاني ـ مناهل العرفان ـ ج ١ ص ١٨٩.